بيان حزب العيش والحرية(تحت التأسيس ) بشأن رفع الحد الأدني للأجور فى القطاع الخاص

سبعة آلاف جنيه… رقم لا يكفي، وآلية غير عادلة، واستثناءات تُبقي العمال في دائرة الفقر

مرة أخرى، تعلن السلطة رفع الحد الأدنى للأجور، وهذه المرة في القطاع الخاص، ليصل إلى 7000 جنيه. لكن بعيدًا عن الدعاية الرسمية، يظل الواقع كما هو: أجور لا تغطي الاحتياجات الأساسية، واستثناءات تفتح الباب أمام التلاعب، وغياب أي إرادة سياسية حقيقية لحماية حقوق العمال.

لقد رُفع الحد الأدنى للأجور خمس مرات في العامين الأخيرين، في ظل انهيار قيمة الجنيه والتضخم المستمر وارتفاع الأسعار الذي التهم أي زيادة سابقة. فما الفائدة من هذه الزيادة إذا كانت الأجور تظل دائمًا متأخرة عن الأسعار؟

إعفاءات بالجملة: الدولة تمنح أصحاب العمل حق الهروب من دفع الأجور العادلة

الحكومة لا تكتفي بوضع حد أدنى متدنٍّ، بل تضع آليات قانونية تُمكّن آلاف المنشآت من التهرب من تطبيقه. ففي عام 2022، تم إعفاء 3090 منشأة في 30 قطاعًا مختلفًا من الالتزام بالحد الأدنى، واليوم يتم تكرار السيناريو نفسه، مما يجعل الحديث عن “رفع الأجور” مجرد خدعة للطبقة العاملة.

هذه الإعفاءات تُكرس مظلومية العمال وتُرسّخ الاستغلال، حيث يتم استثناء الشركات تحت ذرائع واهية، أبرزها:

1. استثناء المنشآت التي توظف أقل من 10 عمال: عذر طبقي لخنق العمالة الهشة

هذا الاستثناء يستبعد بشكل تلقائي قطاعات كاملة من العمال، خاصة في الصناعات الصغيرة والخدمات، التي تشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد.

النساء هن الأكثر تضررًا، حيث يعملن بكثافة في منشآت صغيرة مستثناة من تطبيق الحد الأدنى.

2. استثناء الشركات التي تدّعي “الأوضاع الاقتصادية الصعبة”: بلا رقابة أو شفافية

هذه الشركات تتقدم بطلبات إعفاء إلى لجنة حكومية، لكن لا توجد أي مراجعة من ممثلي العمال، ولا أي رقابة نقابية حقيقية، مما يسمح لأصحاب العمل بالتحايل والتهرب من دفع الأجور العادلة.

الحرب على النقابات المستقلة حرمت العمال من أي أداة للدفاع عن حقوقهم داخل المصانع والشركات، مما جعلهم فريسة لجشع رأس المال.

النتيجة: آلاف العمال تحت خط الفقر دون أي حماية

إذا تم إعفاء منشأة من الحد الأدنى، فهذا يعني أن العمال فيها يعيشون بأجور متدنية لا تكفي حتى لسد احتياجاتهم الأساسية، بينما تستمر الدولة في فرض الضرائب ورفع الأسعار عليهم دون تقديم أي دعم.

لا يوجد أي التزام حكومي بتعويض هؤلاء العمال عبر إعانات اجتماعية أو دعم مباشر، في الوقت الذي تستمر فيه مليارات الدعم والإعفاءات الضريبية لكبار المستثمرين ورجال الأعمال.

7000 جنيه؟ لا تكفي… والاقتطاعات تزيد الفجوة

حتى في حالة تطبيق الحد الأدنى، فإن الرقم المُعلن ليس هو المبلغ الفعلي الذي يحصل عليه العامل. فالأجر الأساسي يخضع لعدة اقتطاعات، منها:

– اشتراكات التأمينات الاجتماعية التي تشمل نسبة يتحملها العامل.

– التأمين الصحي الشامل المطبق في بعض المحافظات، والذي يخصم من 5% إلى 9% من الدخل الأساسي.

كل هذه الاقتطاعات تجعل صافي ما يحصل عليه العامل أقل بكثير من الرقم المُعلن، بينما يظل صاحب العمل المستفيد الأكبر من أي زيادة صورية.

ما هو البديل؟ العدالة تبدأ من هنا

الحل لا يكون بزيادة شكلية تلتهمها الأسعار والتضخم، بل بإعادة توزيع الثروة وإعادة هيكلة الاقتصاد لصالح الطبقة العاملة، عبر:

– إلغاء الإعفاءات الظالمة من تطبيق الحد الأدنى، خاصة المنشآت التي توظف أقل من 10 عمال.

– إجبار الشركات التي تطلب الإعفاء على فتح حساباتها المالية لمراجعة نقابية مستقلة، لضمان عدم التلاعب.

– تعويض العمال في المنشآت المستثناة من خلال دعم اجتماعي مباشر، بدلاً من تركهم فريسة للفقر.

– إعادة تشكيل المجلس القومي للأجور ليضم ممثلين منتخبين ديمقراطيًا من النقابات المستقلة بنسبة لا تقل عن 50%.

– وقف الحرب على النقابات العمالية، وإعطائها حق الرقابة الفعلية على تطبيق قرارات الأجور داخل أماكن العمل.

– تبني سياسات اقتصادية بديلة للخروج من هيمنة صندوق النقد الدولي ووقف مسار الخصخصة الذي يدمّر الاقتصاد الوطني ويزيد الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

إن معركة الأجور ليست منفصلة عن الصراع الأكبر بين طبقة عاملة تُسحق يوميًا وبين رأس مال مدعوم بسياسات الدولة. إن السبيل الوحيد لتحقيق عدالة حقيقية هو تنظيم العمال في نقابات مستقلة، والنضال الجماعي من أجل توزيع عادل للثروة، لا يزيد الأجور بيد، بينما يسلبها بالأخرى.