يدين حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) أحداث العنف الطائفي بقرية نزلة جلف بمركز بني مزار محافظة المنيا والتي تضمنت اعتداء بالحجارة على بيوت المواطنين المسيحيين بالقرية تلاها تدخل أمنى ثم جلسة صلح عرفي صورت وأذيعت على صفحات التواصل الاجتماعي بحضور عمدة القرية.
تعود خلفية الأحداث لوقائع متكررة بدأت بأقاويل عن علاقة عاطفية بين فتاة مسلمة وشاب مسيحي تطورت لإشاعة عن خطة لتهريب الفتاة في تابوت لأمريكا روجها بعض أهالي القرية علانية على صفحاتهم على مواقع التواصل. ونحن إذ نؤكد أن العلاقات العاطفية الرضائية بين البالغين لا تخص أحد ولا يصح التدخل فها سواء من قبل الدولة أو المواطنين الآخرين٬ فإنه في حالة كون الفتاة قاصر فإن هذه جريمة تستحق العقاب القانوني لفاعلها فقط وليس لأسرته أو لباقي أبناء دينه وبدون تغول وإفراط في العقوبة لمجرد كون المتهم مسيحيا. الأمر الخطير هو مشاركة عمدة القرية في صلح عرفي انتهى بتغريم أسرة الشاب المسيحي مبلغ مليون جنيه بالإضافة للاعتذار، والعمدة هو ممثل للدولة معين من قبل وزير الداخلية. كما لم تتضمن “العقوبات” المعلنة فرض التهجير علي أسرة الشاب، لكن أيضا لم يتم التأكيد على أن هذا لن يحدث مما يثير القلق من اضطرار الأسرة لترك القرية تحت الضغوط كما حدث في وقائع عنف طائفي سابقة. والغريب أن ما يعرف بـ”المحكم العرفي” يقول صراحة في الفيديو أن لا تدخل في المسار القضائي، فما هو هذا “الصلح” إذن إن لم يكن تدخلا!
يجري هذا كله دون بيان رسمي عن أي من أجهزة الدولة المعنية سواء المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة أو وزارة الداخلية أو محافظ المنيا أو نواب الدائرة أو المرشحين للانتخابات النيابية فيها. هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مصر هذه المهازل وخاصة محافظة المنيا، وقد آن الأوان لوقفة جادة حولها تبدأ بتحقيق جاد وشفاف في هذه الواقعة ومحاسبة لمرتكبي العنف والتحريض الواضحين في الفيديوهات والمنشورات، وإلغاء نتيجة هذا الصلح العرفي المشين ومعاقبة العمدة وأي مسؤول متورط فيه. وفي هذا الإطار نؤكد أيضا على ضرورة إنشاء مفوضية مكافحة التمييز التي يجب أن تكون من صلاحيتها متابعة اتجاهات التحريض والتمييز والعنف الطائفي زمانيا ومكانيا ورصدها ووضع الخطط بشأن مكافحتها وليس الاكتفاء بتلقي الشكاوى الفردية فقط٬ كذلك ضرورة تبني أجهزة الدولة موقف صارم من ما يعرف بـ”الصلح العرفي” في قضايا العنف الطائفي والجنسي ومختلف القضايا التي تتضمن اختلال في موازين القوى المجتمعية. ونؤكد أننا سنتابع مع غيرنا من المدافعين عن المساواة والمواطنة في هذا البلد المسار القضائي أيضا٬ وما إن كان سينتهي بغلق القضية بسبب الصلح كما حدث في وقائع أخرى سابقة٬ ونؤكد رفضنا لانتهاك سيادة القانون والمواطنة المستمر في بلادنا بلا وقفة جادة من جانب السلطات.
العيش والحرية (تحت التأسيس) يدين أحداث العنف الطائفي بقرية نزلة جلف بمركز بني مزار بمحافظة المنيا

