لم تعد معاناة عمال شركة وبريات سمنود مجرد أزمة مؤقتة، بل أصبحت نموذجًا صارخًا للانتهاكات التي يتعرض لها العمال في القطاع الخاص، حيث تواصل الإدارة سياساتها القمعية والتعسفية، بدءًا من الحرمان من الأجور والعلاوات، وصولًا إلى الفصل التعسفي واستدعاء الأمن لقمع الاحتجاجات.
بدأت الأزمة عندما تخلفت الإدارة عن صرف العلاوة الدورية السنوية المستحقة منذ يناير الماضي، والتي تبلغ 250 جنيهًا فقط، رغم أنها التزمت بصرفها في وقت سابق. كما ترفض الإدارة حتى الآن تطبيق قرار المجلس القومي للأجور برفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى 7 آلاف جنيه اعتبارًا من 1 مارس 2025، حيث لا يزال العمال يتقاضون 3500 جنيه فقط، رغم إلغاء الاستثناءات التي كانت تتحجج بها الإدارة سابقًا لعدم التنفيذ.
وفي محاولة لفرض حقوقهم المشروعة، خاض العمال إضرابًا في أغسطس الماضي استمر شهرًا كاملاً، مطالبين بتطبيق الحد الأدنى للأجور (الذي كان حينها 6 آلاف جنيه)، لكن الإدارة لم تستجب إلا بزيادة هزيلة قدرها 200 جنيه فقط، متذرعة بعدم تحقيق أرباح كافية. لكن مع صدور القرار الجديد برفع الحد الأدنى إلى 7 آلاف جنيه وإلغاء أي استثناءات، لم يعد أمام الإدارة أي مبرر لعدم التنفيذ، ومع ذلك تواصل تعنتها.
بدلًا من الحلول.. القمع والتنكيل بالعمال!أم
ردًا على مطالب العمال، لم تكتفِ الإدارة بتجاهل حقوقهم، بل صعّدت من قمعها لهم، حيث تم اعتقال 8 من العمال والعاملات خلال الإضراب السابق، ووجهت إليهم تهمًا ملفقة مثل “التحريض على الإضراب، التجمهر، ومحاولة قلب نظام الحكم”. وكانت هذه الواقعة هي الأولى من نوعها التي يتم فيها القبض على عاملات من منازلهن أمام أطفالهن، في مشهد لا يمكن قبوله أو تبريره. كما تعرضت المعتقلات للإهمال الطبي وحرمن من الأدوية رغم إصابتهن بأمراض مزمنة.
فصل تعسفي لعامل لمطالبته بأجره المتأخر!
وفي تصعيد جديد، قررت الإدارة إيقاف العامل أحمد صلاح عبد المعبود عن العمل ورفع أمر فصله للمحكمة، بعد أن طالب فقط بصرف أجره المتأخر عن شهر يناير. ورغم أنه امتثل لجميع إجراءات الإدارة، بما في ذلك تحليل المخدرات الذي أثبت براءته، إلا أن القرار التعسفي بفصله استمر، في استغلال واضح للقانون رقم 73 لسنة 2021، الذي أصبح أداة يستخدمها أصحاب العمل للتنكيل بالعمال بدلًا من حماية بيئة العمل.
التواطؤ الأمني ضد العمال
لم يقتصر الأمر على التعسف الإداري، بل استدعت الإدارة الأمن الوطني للتدخل ضد العمال، حيث تم إجبارهم على العودة للعمل بالقوة يوم الأحد 2 مارس، بعد توقفهم لساعات للمطالبة بصرف العلاوة المتأخرة.
هذه الممارسات ليست مجرد انتهاكات فردية، بل هي نتيجة تشريعات منحازة ضد العمال، حيث يسمح قانون العمل بفصل العمال بسهولة، ويجعل ممارسة حق الإضراب شبه مستحيلة، ولا يعاقب أصحاب العمل المخالفين لتطبيق الحد الأدنى للأجور.
نحن في حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) نؤكد على التالي:
.عودة العامل أحمد صلاح عبد المعبود إلى عمله فورًا وصرف مستحقاته المالية المتأخرة.
. إلزام إدارة وبريات سمنود بصرف العلاوة السنوية وتنفيذ الحد الأدنى للأجور دون تحايل أو تسويف.
. وقف استدعاء الأجهزة الأمنية لقمع العمال، وضمان حقهم في الاحتجاج السلمي دون تهديد أو ترهيب.
. مراجعة قانون العمل الجديد لضمان عدم استغلاله كأداة لسلب حقوق العمال ومنع الإضرابات المشروعة.
. فرض رقابة حقيقية على تنفيذ قرارات الحد الأدنى للأجور، ومعاقبة الشركات التي ترفض الالتزام بها.
إن ما يحدث في وبريات سمنود ليس مجرد أزمة عمالية، بل هو معركة حقيقية بين رأس المال والطبقة العاملة، حيث تُستخدم القوانين والأجهزة الأمنية لحماية أصحاب العمل على حساب العمال. استمرار هذا النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من الغضب والاحتقان الاجتماعي، ولن يقبل العمال أن يكونوا الطرف الضعيف في هذه المعادلة إلى الأبد.