العيش والحرية يرفض تصريحات الرئيس الأمريكي ويطالب بمزيد من الدعم العربي للفلسطينيين والسماح للشعب المصري بالتعبير عن غضبه
تتوالى التصريحات الفاضحة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتكشف بكل جلاء حقيقة الوجه الفاشي والاستعماري للإمبريالية الأمريكية، وتزيح الستار عن مخططاتها لإعادة ترسيم المنطقة بما يضمن هيمنة أحادية للكيان الصهيوني، عسكريًا واقتصاديًا، وإجهاض مشروع المقاومة، وتصفية القضية الفلسطينية بشكل حاسم.
يبدو أن حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني المقاوم في قطاع غزة كانت توجيهًا استراتيجيًا لإسرائيل، ومن ثم العمل على ضم الضفة الغربية وتهجير سكان قطاع غزة. لتأمين التوسع الجغرافي اللازم لاستمرار المشروع الصهيوني، ولما كان الفلسطينيون العقبة الوحيدة أمام كل ذلك، كان يجب التخلص منهم بالإبادة والتطهير العرقي، ومن ثم الطرد والتشريد، الوصفة الصهيونية المجربة لاستيطان الأرض.
برعاية أمريكية وتواطؤ عالمي وخذلان عربي، نجحت إسرائيل في تحقيق الهدف الأول وهو الإبادة. فحتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وقع ما يزيد عن 60 ألف شهيد، غالبيتهم من الأطفال والنساء، ومئات الآلاف من الجرحى والمصابين، بالإضافة إلى تدمير كافة أشكال الحياة داخل قطاع غزة. فضلاً عن تفكيك قدرات المقاومة، وتصفية قياداتها السياسية والميدانية، وعزلها عن محور المقاومة بالضربات القاصمة التي تلقتها.
ويتولى ترامب بنفسه الإشراف على تنفيذ المرحلة الثانية، من تهجير لأهل غزة وتأمين ضم الضفة الغربية، حتى وإن وصل الأمر إلى تحويل قطاع غزة إلى مستعمرة أمريكية، بحسب وصفه، في تحدٍ سافر لأنظمة وشعوب تلك المنطقة، وبعجرفة وصفاقة منقطعة النظير، ما استدعى بالضرورة ردود فعل عربية كانت واضحة إلى حد بعيد في رفض التصريحات الأمريكية والتأكيد على دعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
ولكن بين التصريحات الأمريكية الفجة التي استفزت الموقف الرسمي العربي، وبين تناقضات اهتمام نفس الأنظمة العربية بتحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، تضيع فرص إنضاج تحالف عربي يستعيد استقلال القرار العربي بقيادة الجامعة العربية.
إن التصريحات الأمريكية، ومن بعدها الإسرائيلية، ضد المملكة العربية السعودية، واتهامها بالموافقة على تصفية القضية تارة، ومطالبتها بتوفير وطن بديل للفلسطينيين تارة أخرى، وقبلها الضغط على مصر والأردن لاستقبال أعداد من الفلسطينيين، يجب أن يستدعي تحوّلًا استراتيجيًا وجماعيًا للأنظمة العربية تجاه مشروع التطبيع الصهيوني الخليجي الذي بدأ باتفاقات أبراهام، ويسعى ترامب لإتمامه بالتصفية الشاملة للقضية الفلسطينية.
شعوب المنطقة هي من سيتحمل تكلفة أي ضغوط أمريكية منتظرة للتسليم بقبول التهجير وتصفية القضية، وبالتالي يجب تحرير الصوت الشعبي العربي للتعبير عن موقفه بشكل مستقل وواسع، وتحرير الطاقات المجتمعية العربية لدعم صمود الشعب الفلسطيني من خلال إعادة أشكال الحياة إلى قطاع غزة، ومن ثم إعادة إعماره بما يخدم مصالح أهالي القطاع وليس مخططات التقسيم والتهجير.
إن حزب العيش والحرية -تحت التأسيس- يرى أن اللحظة التي نحن أمامها قد تكون فارقة في مستقبل المنطقة بأسرها، ما يحتاج معه إلى مواجهة شاملة، رسمية وشعبية، تعيد حصار الكيان الصهيوني، وتقوض مخططاته، وتدعم صمود الشعب الفلسطيني وحقه في التمسك بأرضه وتقرير مصيره. وفي هذا الإطار يطالب الحزب بالآتي:
1) توحيد الجهود العربية لتقديم كافة الدعم اللوجستي لمساعدة الفلسطينيين في غزة على الصمود والبقاء.
2) إنشاء صندوق يشترك فيه كافة الدول العربية للبدء فورًا في إعادة إعمار غزة.
3) رفض انضمام مصر لأي اتفاقيات تطبيع جديدة قد تدفع باتجاهها إدارة ترامب وحلفاؤها في الخليج.
4) تعليق كافة أشكال التمثيل الدبلوماسي المتبادل بين مصر وإسرائيل، وكذلك اتفاق المعابر لعام 2005 الذي ضربت به إسرائيل عرض الحائط، وما يرتبط به من تنسيق أمني ولوجستي، وذلك لحين إعلان خطة أممية تتضمن خطوات محددة لاستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه في تقرير مصيره وفقًا لقواعد القانون الدولي المتعارف عليها.
5) التنسيق مع كافة القوى الشعبية في المنطقة والعالم بهدف تعميق حصار وعزلة إسرائيل على الصعيد الدولي والدفع باتجاه محاسبة قادتها على جريمة الإبادة المستمرة.
6) يشمل التنسيق الشعبي العربي كذلك حث القوى الفلسطينية على الشروع الفوري في مسار جاد للمصالحة يتضمن إعادة بناء المؤسسات السياسية الفلسطينية، ويفضي إلى مخاطبة العالم بصوت موحد.
7) الحيلولة دون استغلال الموقف الرسمي الرافض للتهجير لإغلاق معبر رفح بشكل كامل أمام حركة الجرحى وعائلاتهم، أو حتى للتربح المخجل كما رأينا خلال الشهور الأولى في الحرب.
8 ) الإفراج الفوري عن عشرات المعتقلين على خلفية التظاهر خلال العام الماضي تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، إذ أن استمرار اعتقال هؤلاء المواطنين يمثل تناقضًا فجًا مع التصريحات الرسمية الرافضة للتهجير.
9) فتح المجال العام والسماح لجموع الشعب المصري بالتعبير عن غضبه ضد الصفاقة الأمريكية ودعمًا للموقف الرسمي الرافض لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى أي دولة أخرى.