استهداف الأقليات في بريطانيا .. لنناضل من أجل مجتمع عادل وحر وديمقراطي في كل بلاد العالم

لأكثر من أسبوع، تقوم مجموعات من اليمين المتطرف في بريطانيا ترفع شعارات قومية وفاشية بأعمال عنف وشغب وهجمات عنصرية اتسعت رقعتها على امتداد بريطانيا.

هاجمت تلك المجموعات خلال تحركاتها أفراد من المهاجرين والأقليات والمسلمين٬ بل واستهدفت مساجد وفنادق تأوي طالبي لجوء وممتلكات عامة وخاصة، لم تسفر عن أي ضحايا حتى الآن ولكنها خلقت حالة من الرعب لدى المسلمين والأقليات مع تزايد الدعوات المتطرفة خشية وقوع اشتباكات عنيفة بينهم وبين اليمين المتطرف.

في المقابل٬ حشدت الحكومة الجديدة قوات الشرطة للتصدي لتلك الهجمات العنيفة كما تجمع متظاهرون مناهضون للعنصرية رافعين شعارات لحماية المهاجرين والأقليات. وحدثت أعمال العنف والشغب تلك بعد تداول معلومات مغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن مرتكب جريمة طعن ثلاثة أطفال في حفل في ساوث بورت هو طالب لجوء مسلم، وهو ما نفته الحكومة البريطانية لاحقاً بعد توسع أحداث العنف.

تأتي هذه الأحداث في ظل صعود اليمين المتطرف في بريطانيا. فبعد ١٤ عامًا من سياسة التقشف التي مارسها حزب المحافظين لخدمة الطبقة الرأسمالية ومصالحها ما خلق مجتمع أقل عدالة وأكثر تفاوتًا من حيث الثروة والخدمات التي يتمتع بها المواطنون٬ استغل اليمين المتطرف المزاج المتذمر من تلك السياسات ليقوم باستثمار وتوجيه الغضب الشعبي إلى المهاجرين بدلًا من مواجهة أزمات النظام.

الأمر الذى نما ووصل إلى تبني الحكومة سياسات عنصرية وخطابات تحريضية ضد المهاجرين والأقليات وطالبي اللجوء على مدار أكثر من عقد في محاولة للحفاظ على قاعدتها الانتخابية، وعلى الرغم من خسارة حزب المحافظين للانتخابات الأخيرة وفوز حزب العمال، ساهمت تلك السياسات في تجذير ونمو العنصرية والفقر والتمييز ضد المهاجرين في المجتمع البريطاني، فعلى سبيل المثال لا الحصر قامت NHS (هيئة الصحة الوطنية) بإرسال إيميلات تخاطب العاملين بها وتشجعهم على تقبل الآخر ونبذ العنصرية وأنها تأسف لتلك الهجمات العنيفة٬ ومع ذلك لم يتم قبول أسباب تغيب بعض الأطباء الذين يسكنون في الأماكن التي بها أحداث شغب عنيفة تهدد حياتهم.

وتجلت تلك السياسات مؤخرًا في إصرار حكومة المحافظين على تمويل وتسليح آلة الحرب الصهيونية التي تمارس جرائم يومية بحق الشعب الفلسطيني من أموال دافعي الضرائب البريطانيين بدلاً من توجيهها لرفع مستوى معيشتهم٬ كما تبنت الدعاية العنصرية الصهيونية ضد الفلسطينيين. ووصل الأمر بأن دعت وزيرة داخلية المحافظين اليمين المتطرف للتصدي للمظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني والرافضة للإبادة الجماعية في غزة ، أقيلت بعدها الوزيرة لما نتج عن ذلك من أحداث عنيفة واشتباكات بين الشرطة وتلك الجماعات المتطرفة التي هي ذاتها تمارس جرائم بحق المهاجرين الآن.

ونحن إذ نتابع ما وصلت إليه نتائج انتشار تلك الخطابات العنصرية من حالة عنف وتخريب واسعة تهدد استقرار المجتمع وتستهدف الأفراد على أساس ألوانهم وعقائدهم وتهدد حياتهم٬ لابد أن نتذكر ما تفعله مثل تلك الخطابات في مجتمعنا من أحداث دموية وجرائم لطالما عانت منها الأقليات في مصر سواء الأقليات الدينية أو الچندرية، كذلك نجدد رفضنا للدعاية العنصرية ضد اللاجئين والأجانب ونؤكد على حقوقهم بدلًا من تحميلهم نتائج أزمتنا الاقتصادية.

ثمة طريق واحد لمقاومة صعود اليمين المتطرف وانتشار جرائم العنصرية والكراهية هو ترسيخ مبدأ المواطنة للجميع وحماية حقوق الأقليات واللاجئين والمهاجرين بدلاً من الوقوف خلف خطابات دينية أو عرقية مضادة تزيد من عزلتهم عن المجتمع وتعطي مبررًا يستغله اليمين المتطرف للقيام بجرائم أوسع.

فلا يمكن التقدم نحو مجتمع عادل دون نضال واسع ضد الطبقية والتمييز العنصري في آن واحد تكون الأقليات والمهمشين جزءًا منه على أساس المساواة، كما أننا نؤكد على أنه لا يمكن أن يقتصر دور الدولة في حماية الأقليات على الدور الأمني فقط دون مواجهة وتفكيك بنية التمييز الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي يستفيد منها بأقصى قدر اليمين الفاشي.

لنناضل من أجل حقوقنا ومن أجل مجتمع عادل وحر وديمقراطي في كل بلاد العالم