مجموعة مبادىء توجه تفكيرنا في قضية تغير المناخ
“لا لفصل الطبيعة عن المجتمع”
تستضيف مصر هذه الأيام الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية تغير المناخ COP27 ، وهو مؤتمر عالمي يهدف إلى تنسيق ومناقشة السياسة البيئية المناخية بين صانعي السياسات والحكومات وكذلك جماعات المجتمع المدني والعلماء والمنظمات الدولية. هذا العام ، يُعقد المؤتمر على خلفية من الاضطراب الاقتصادي والسياسي في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من المخاطر بشكل كبير ويؤجج الحاجة الملحة إلى مؤشرات ورؤى أوضح فيما يتعلق بمستقبل العمل المناخي. يراقب حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) الحدث باهتمام، وينتظر ليرى أي نوع من النتائج سيخرج منه. هذه فرصة لنا، ولكافة لقوى التقدمية في مصر، للانخراط بشكل مباشر أكثر في مسألة البيئة التي كثيرا ما تم التعامل معها على أنها قضية ثانوية أو رفاهية من رفاهيات العالم الأول. إننا في هذه الورقة نؤكد أن رؤيتنا للعدالة الاجتماعية والسياسية تشمل أيضًا العدالة المناخية والبيئية. فمن يعانون أكثر من غيرهم من تأثيرات تغير المناخ والتدهور البيئي هم الكادحون والفقراء ومن يعيشون على حد الكفاف. هؤلاء هم من يعانون بالفعل من عواقب الأحوال الجوية القاسية والجفاف والهجرات القسرية وعدم الاستقرار الاقتصادي وتزايد اللا مساواة٬ بل وقد يعانون أيضا من التحول نحو أنماط جديدة في الإنتاج والعمل بفقدان وظائفهم ومصادر رزقهم في القطاعات القديمة المسببة للانبعاثات والتلوث ما لم تضع السياسات العامة المعنية بالتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها مصلحتهم في القلب من هذا التحول نفسه. لهذا٬ نطالب بأن يكون الكادحون والأكثر فقراً وتهميشاً في العالم في قلب المناقشات حول المناخ بحيث لا تقتصر المناقشات على الشركات وأصحاب الأعمال والمسؤولين الرسميين.
لا يمكننا أن نقرر الآن هل يجب أن نتشاءم أو نتفاءل٬ فهناك العديد من المتغيرات التي تجعل من الصعب التنبؤ بالدرجة التي ستغير بها الحكومات مسارها وتلتزم بجدية أكبر بالهدف الذي وضعته اتفاقية باريس الصادرة عام 2015 والمتمثل في “الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة” والذي يتطلب تقليل انبعاثات غازات الدفيئة لا سيما الكربون. من غير الواضح أيضا إلى أي مدى سينحسر أو يزداد صعود الحكومات اليمينية التي تتخذ من قضية تغير المناخ موقفا متشككا أو حتى عدائيا صريحا. بغض النظر عن المؤشرات والتنبؤات المتفائلة أو المتشائمة، نقترح هنا مجموعة من المبادئ التي تجسد رؤية اجتماعية ديمقراطية أو اشتراكية للعدالة المناخية نرغب في أن ترشدنا في تقييم أداء الحكومات وأن نعتبرها مصدرا ممكنا لصياغة الإصلاحات المطلوبة في السياسات والمؤسسات الوطنية والدولية وهي:

1. فقراء العالم ومهمشوه في المرتبة الأولي
2. الحاجة إلى استثمارات عامة مخططة في البنية التحتية الخضراء والطاقة
3. العدالة التعويضية
4. الديمقراطية كمثل رئيسي: لا تنمية خضراء بدون ديمقراطية
5. إلغاء الديون السيادية

قبل تفصيل ما تعنيه هذه المبادئ ، يجب أن نذكر الأساس النظري الذي ننطلق منه. إننا نرفض أي نهج للطوارئ المناخية يفصل الطبيعة عن المجتمع. إن حالة الطوارئ المناخية وتدمير الكواكب ليست من صنع الإنسان فحسب، بل هي أعراض لمجموعة من العلاقات الاجتماعية التي أثبتت أنها غير مستدامة وغير عادلة. فأولا٬ تدمير الكوكب جزء لا يتجزأ من نظام التراكم الذي يتم فيه تحديد مقياس القيمة فقط من خلال الأرباح واستبعاد كل ما هو ضروري لإعادة الإنتاج الاجتماعي والرفاهة البشرية من المعادلة وقياس القيمة طالما أنه لا يخدم السعي للربح. ويشمل هذا المشاعات – أي الهواء والماء والأرض – تلك السلع المشتركة بين جميع البشر والتي لا يمكن إخضاع قيمتها لمعايير للتراكم الخاص أو زيادة الأرباح فقط. وثانيًا ، يقلل هذا النمط من قيمة كل مجالات وأشكال العمل الموجهة نحو الحفاظ على الحياة واستمرارها للأجيال القادمة – أي مجال الرعاية. وبالتالي ، المشكلة ليست مجرد “سياسات خاطئة” أو سلوكيات فردية متهورة وإنما تكمن في عدم القدرة المنهجية على قياس قيمة الرعاية الجسدية والمعنوية للبشر والمشاعات والسلع العامة وإنتاج الأجيال القادمة. هذا نظام عالمي مدفوع فقط بالضرورات قصيرة الأجل للتراكم الخاص والإنتاجية والأرباح الخاصة، ويقوم بإخضاع الطبيعة والرفاهة الاجتماعية البشرية بشكل متزايد للتسليع. نؤكد أن المشكلة لا تكمن في أنماط الاستهلاك فقط، بل إن أي تحول مطلوب يجب أن يتضمن تحولًا جوهريًا في الطريقة التي نقيس بها قيمنا ونعطيها الأولوية. وعلينا إعادة التفكير فيما نعنيه “بالنمو” أو “التنمية” وإنتاج الفائض. وينطبق هذا على قضية تغير المناخ كما ينطبق على كل شيء آخر. فالمسألة ليست مجرد مسألة كمية. ولا يتعلق الأمر بالقدر الذي ننمو به أو لا ننمو، بل كيف: كيف ننتج السلع ، وكيف نتخذ القرارات المتعلقة بما ننتجه، وكيف يتم تنظيم العمالة وتوزيعها ، وكيف نقيس قيمنا ونرتبها، وكيف يؤدي التنظيم الحالي للعمالة والاستهلاك إلى الكثير من أوجه القصور والكثير من الهدر. يمكن القضاء على هذا الهدر إن نظمنا الإنتاج بشكل أكثر عقلانية وجعلنا السلع الضرورية عامة، بحيث لا نحتاج إلى تدمير الموارد الطبيعية من خلال إنتاج وإعادة إنتاج الأشياء والسلع بشكل كبير رغم أنه يمكن استخدامها بحكمة أكبر.

والآن هذه هي المبادئ التي تتوافق مع هذا النهج:

1. فقراء العالم ومهمشوه في المرتبة الأولى
نعلم الآن أن من يتحملون وطأة تدمير الكوكب – حاليا وفي المستقبل – هم أفقر سكان العالم وأكثرهم تهميشًا وخاصة من يقيمون في المناطق الريفية أو التي تعاني من شح المياه أو المناطق الساحلية٬ وهؤلاء غالبا يعملون في الزراعة أو يعيشون على حد الكفاف ويعتمدون على العمل المنزلي الذي تقوم به النساء. ويتأثرون بالنظام القائم الذي يحقر من الطبيعة ويقلل من قيمة العمل الرعائي وإعادة الإنتاج الاجتماعي والعمل الذي تقوم به النساء في المنزل. هؤلاء هم من يعانون من الظروف الجوية الأكثر قسوة والجفاف والفيضانات وفقدان سبل العيش والهجرات الداخلية أو الخارجية.
يجب أن يكون هؤلاء السكان في صميم تفكيرنا بشأن العدالة المناخية. وهذا يستلزم أن أي جهود تكيف يجب أن تشمل شبكات أمان اجتماعي موسعة وسياسات تشغيل تقي الناس مصائر العوز والبؤس، وتحسين الاستفادة من البنى التحتية الأساسية، وتحسين الصحة العامة للفقراء، وتبني سياسات أكثر إنسانية وعدالة بخصوص الهجرة واللجوء. كما يستلزم توسيع القوة السياسية والاجتماعية للمرأة، وخاصة المرأة الريفية، حتى تتمكن من المشاركة في بناء تدابير تكيفية تحميها. يجب علينا أيضًا التفكير في الآليات المحلية القائمة على القاعدة الشعبية والتي من خلالها يمكن لهؤلاء السكان المشاركة في وضع البدائل المناسبة لظروفهم واحتياجاتهم. ولهذا يجب أن تدعم أي سياسة مناخية عادلة اللامركزية وحرية الممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي والقاعدي المتمثلة في أشكال متعددة مثل تكوين التعاونيات والنقابات العمالية والمجالس المحلية وروابط المستخدمين والمستهلكين ومجموعات المساعدة المتبادلة التي يمكن أن تساعد في توليد القوى التكيفية وبلورة الطاقات الاجتماعية للفقراء. وبالطبع هذا يعزز من حقوق المواطنين الأساسية المدنية والسياسية والاجتماعية.

2. الحاجة إلى استثمارات عامة مخططة في البنية التحتية الخضراء والطاقة
يتمحور الاتجاه الذي اتخذته السياسات المناخية في العالم حتى الآن حول تجارة الكربون. هنا ينبغي الإشارة إلى أن جزءًا من مشكلة السياسة البيئية في العقد الماضي أو نحوه هو أنها ركزت على الانبعاثات فقط رغم أن أي سياسات بيئية يجب أن تتضمن قضايا كثيرة مثل إزالة الغابات وارتفاع حموضة مياه المحيطات والنفايات وشح المياه واستنفاد التربة وغيرها. ولكن حتى لو اضطررنا إلى تركيز كل اهتمامنا حاليًا على الحد من انبعاثات الكربون فقط٬ يجب ألا ننسى أن تجارة الكربون خيار سياسي معيب بطرق عدة. فأولا٬ تصبح تجارة الكربون في الممارسة العملية آلية تقوم من خلالها الاحتكارات والشركات الكبرى (المسؤولة عن أكبر انبعاثات) بشراء “حقها” في ضخ الانبعاثات في الغلاف الجوي على حساب المجموعات والقطاعات الأخرى في السوق. هناك شيء احتكاري ومفترس في فكرة تسليع “الحق” أو “الإذن” المزعوم هذا في تدمير الطبيعة. وهذه النزعات الاحتكارية لن تؤدي إلا إلى زيادة قوة تلك الشركات ومن ثم تجاهل أي حدود على الكربون تُفرض عليها، مما يقوض الغرض من تجارة الكربون. ومثلما ذكرنا سابقًا، تنبع الأزمة البيئية من نزعة منهجية لتحويل الطبيعة إلى سلعة. كذلك٬ تحويل “الحق” في تلويث الطبيعة إلي سلعة هو الآخر طريقة سخيفة ومعقدة للتعامل مع جهود حمايتها.
تطرح القوى الأقرب للاتجاه اليساري في العالم – وخاصة في دول الشمال – حلين غير مستندين إلى السوق والتسليع: الأول هو “الصفقة الخضراء الجديدة” والثاني هو “تراجع النمو”. تستند الصفقة الخضراء الجديدة (Green New Deal ) إلى فكرة أن أي إزالة جادة للكربون من الاقتصاد يجب أن تبدأ باستثمارات عامة ضخمة في البنى التحتية الخضراء والطاقة البديلة وخلق فرص العمل الخضراء. المنطق وراء هذا الطرح يتمثل في أن السوق وحده لن يرغب أو لن يستطيع الاستثمار في الطاقات البديلة بدون مخاطرة كبيرة، ناهيك عن البحث والتطوير المطلوبين لتحسين التكنولوجيا واستخدام الطاقة على المدى الطويل وكذلك تبني سياسات تشغيل تضمن تأهيل وتدريب العاملين على تقنيات الإنتاج الجديدة لضمان ألا يصبحوا عاطلين بسبب هذا التحول الأخضر ذاته. لذلك ، فإن الاستثمارات العامة في تلك المجالات – خاصة البنية التحتية والطاقة البديلة والبحث والتطوير والتدريب – ستحل هذه المشكلة لأن المخاطر التي ينطوي عليها الالتزام بهذا الأفق طويل الأجل يمكن تقاسمها بشكل جماعي. علاوة على ذلك ، هناك تأثير “تحفيزي” لهذه الأنواع من الاستثمارات العامة. يدعو إلى الصفقة الخضراء الجديدة بشكل أساسي حركة ديمقراطية اجتماعية صاعدة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا.
والحل الثاني هو “خفض النمو” وهو الطرح المنافس الرئيسي للصفقة الخضراء الجديدة. ويستند هذا الطرح إلى حجة قائلة إن التدهور البيئي مكون أصيل في عملية النمو التي تستند إليها جميع الاقتصادات الوطنية٬ ومن ثم المطلوب هو تخفيض مخطط في النمو بهدف تحقيق انخفاض في أنماط الاستهلاك. لكن هذا الطرح غامض جدا بالنسبة لبلدان الجنوب التي تنخفض فيها مؤشرات التنمية وينتشر فيها العوز والجوع بالفعل. بعض أنصار “خفض النمو” يقولون إن الدول النامية أيضا عليها أن تقلل من أهمية أو أولوية التنمية الصناعية تمامًا، بينما يقول آخرون إنه يمكن السماح للدول النامية بتطوير صناعاتها مع ضرورة إعادة توزيع الاستهلاك في العالم لصالح المناطق الأفقر على مستوى العالم وداخل كل دولة. لكن المشكلة الأساسية في هذا الحل المقترح بأشكاله المختلفة إنه يساوي بين “النمو” أو “التنمية” من جانب وتدمير الكوكب من جانب آخر وكأنه قدر لا فكاك منه. المشكلة الأخرى في طرح “خفض النمو” إنه غامض جدا في الإجراءات العملية الملموسة التي يقترحها. فهو يبدو كشكل من أشكال التقشف أو الانكماش المتعمد الذي من شأنه أن يحد من إجمالي النشاط الاقتصادي في المجتمع مما يؤثر على رفاهة البشر وحياتهم٬ لكن بعض مقترحات السياسات التي تتم في إطاره تركز على أمور مثل تقصير أسبوع العمل وزيادة ضرائب الثروة والضرائب التصاعدية واستخدام المزيد من التدابير البيئية الجديدة للصحة الاقتصادية.
وأيا كانت وجاهة وعيوب كل طرح٬ فإننا نرى أن الأمر لا يمكن حصره في في الناحية الكمية سواء “مع” أو “ضد” النمو بل إن إعادة التوزيع وتغيير أساليب الإنتاج أمور شديدة الأهمية. ومن موقعنا اليساري الجنوبي بالتحديد٬ حيث تحتاج شعوبنا للمزيد من التنمية والرفاهة بشكل عام وإعادة توزيع الثروات والسلع والخدمات الموجودة بالفعل في نفس الوقت٬ يمكننا أن نرى مسار المستقبل في مسار يجمع بين الصفقة الخضراء الجديدة (بما تقتضيه من تغيير في أنماط الإنتاج والاستثمار العام المخطط وحتى تخطيط الطاقة الصناعية) وبعض مقترحات الحل الأخر مثل تقليل أعباء العمل مع ضرورة إعادة التوزيع. فالتنمية في بلادنا ليست فقط أقل مما ينبغي بل تتم بشكل مضر بالبيئة ولصالح أقلية محدودة من السكان.

3. العدالة التعويضية
تثير المسألة البيئية التفاوتات الهائلة بين بلدان الشمال والجنوب. من ناحية٬ لا تتساوى المسؤولية عن تلويث الكوكب بين الشمال والجنوب. فتاريخيا وحاليا تتحمل دول الشمال المسؤولية الأكبر عن الجريمة البيئية وانضم مؤخرا للدول المنتجة لأكبر قدر من الانبعاثات عدد قليل فقط من البلدان الصناعية الحديثة في آسيا. ومن ناحية أخرى٬ ستقع تكاليف الانهيار على عاتق الجنوب. وهو ما يمكن اعتباره عرض من أعراض التبعية الاستعمارية المستمرة بغض النظر عن كيفية فهمنا لطبيعة وديناميكيات هذه التبعية. فتدمير البيئة صار ممكنا من خلال النهب المباشر للموارد الطبيعية في البلدان المستعمرة ثم بسبب عدم قدرة تلك الدول نفسها على التطور.
تفاوت المسؤولية يعني أننا بحاجة لنوع من التدابير التعويضية لتصحيح هذه العلاقة غير المتوازنة والتعويض عن الأضرار التي حدثت بسببها. وهذا يمكن أن يأخذ بشكل عام عدة أشكال مثل التعويض المباشر عن الجرائم الاستعمارية وتعليق المؤسسات والممارسات غير العادلة عالمياً (على سبيل المثال: العسكرة وتجارة الأسلحة، والملاذات الضريبية، والاحتكارات العالمية، والإقراض المشروط، وسياسات الهجرة غير العادلة، والتمييز في العمل، أو هيمنة الدولار) وإلغاء الديون السيادية التي تكبدتها الدول المستعمَرة (انظر النقطة 5). سيؤدي هذا إلى إطلاق الموارد والطاقات اللازمة لنوع “الصفقة الخضراء العالمية الجديدة” التي تم تحديدها في النقطة السابقة. لكن النقطة الأساسية هنا أن أي تعويضات يجب أن تصاغ من منظور “العدالة التعويضية” أي تصحيح جرائم الماضي وليس عقد صفقة جديدة مقابل خدمات جديدة. والعدالة التعويضية لا تخلو من تحديات هي الأخرى حيث يصعب قياس حجم الجرائم بالتحديد وتوجيه التعويضات بحيث تفيد الشعوب المتضررة (وليس حكوماتها فقط). كذلك يخشى أن تتحول تعويضات المناخ إلى حالة تشبه المساعدات التنموية القائمة حاليا بمشاكلها الكثيرة التي تتضمن ضعف المحاسبة والمراقبة واحتماليات خلق شبكات من المنتفعين الجدد بدلا من تعويض الضحايا القدامى.

4. الديمقراطية كمثل رئيسي: لا تنمية خضراء بدون ديمقراطية
حتى لو بقت “التنمية” هي أفق تطلعاتنا وأهدافنا٬ لا يمكن تحقيق ذلك بنفس أسلوب القرن العشرين. لا يمكن أن تأتي التنمية و “الإنتاجية” على حساب الديمقراطية والحقوق والحريات والمبادرة المستقلة للطبقات الكادحة. فيمكننا أن نتجرأ ونقول إن التنمية بدون ديمقراطية شاملة وتشاركية لن تعني سوى المزيد من الدمار لأن الخبراء المتحكمين في القرارات والخطط لا يسمحون بتفاوض عقلاني وحر بين مختلف الفئات المتضررة من تغير المناخ ومن السياسات المعنية به. ولهذا ذكرنا في نهاية المبدأ رقم 1 العديد من الأشكال الديمقراطية الهامة بالنسبة للفقراء والكادحين بالإضافة لإطلاق الحريات العامة والخاصة والديمقراطية السياسية الضرورية في كل المجتمعات.

5. إلغاء الديون السيادية
ربما يكون هذا أفضل مثال على إجراء “العدالة التعويضية” الذي نحتاجه الآن. إن إلغاء الديون السيادية يجنبنا الجدل حول كيفية حساب جرائم الاستعمار وتحديد من المستحقين له تحديدا ويشكل تعويضا مناسبا وتضامنيا عن تلويث دول الشمال الاستعمارية للكوكب لعقود طوال. ويتيح لنا إلغاء الديون السيادية في البلدان النامية فرصة لالتقاط الأنفاس ويقضي على الأعذار التي تتحجج بها حكومات دول الجنوب لتبرير عدم قدرتها على الاستثمار في المنافع العامة ويتيح إمكانية استفادة أكبر قدر ممكن من الناس في مجتمعاتنا من التعويضات المناخية وتوزيع فوائد إلغاء الديون على نطاق أوسع.