المحلة تحترق … والعمال يدفعون ثمن الفساد والإهمال

ينعى حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) ببالغ الحزن والأسى ضحايا الحريق المأساوي الذي اندلع في مصنع البشبيشي بمدينة المحلة الكبرى، والذي أودى بحياة 13 عاملًا و3 من أفراد الحماية المدنية، إضافةً إلى صاحب مصنع زوي تواجد في المبنى أثناء اندلاع الحريق، كما خلّف عددًا من المصابين بينهم ضباط وأفراد شاركوا في عمليات الإنقاذ. ويعبّر الحزب عن خالص تعازيه لأسر الضحايا وتضامنه الكامل معهم، مؤكدًا أن ما حدث ليس قدرًا محتومًا، بل نتيجة مباشرة لإهمال جسيم ونظام إنتاج لا يضع حياة الإنسان في مقدمة أولوياته. إن الحريق الذي اندلع في مصنع البشبيشي بمدينة المحلة الكبرى ليس مجرد حادث صناعي عرضي، بل هو دليل جديد على فشل منظومة كاملة تُدار بالإهمال وتخضع لمنطق الفساد والاستغلال، وتُقدّس رأس المال على حساب الإنسان. في الوقت الذي تتحدث فيه الدولة عن التنمية والاستثمار وجذب رؤوس الأموال، تُترك حياة العمال في خطر دائم داخل مصانع متهالكة تفتقر إلى أبسط شروط السلامة المهنية. لقد كشفت الكارثة الأخيرة أن حياة العامل في هذا البلد ما زالت تُعامَل كأداة إنتاج يمكن الاستغناء عنها، لا كإنسان له الحق في الأمان والكرامة. تشير التحقيقات الأولية إلى أن الحريق نشب نتيجة ماس كهربائي وانفجار في غلاية المصنع، ما أدى إلى انهيارات جزئية وسقوط هذا العدد الكبير من القتلى والمصابين. كما أظهرت الوقائع أن المصنع يعمل دون التزام واضح بمعايير السلامة، وأن العمال لم يتمتعوا بأي حماية قانونية أو تأمين شامل. ورغم فداحة الحادث، فإن الدولة اكتفت بتقديم تعويضات مالية محدودة، في حين أُفرِج عن بعض المتهمين بكفالات زهيدة، وكأن أرواح الضحايا لا تساوي شيئًا أمام منطق السوق والربح. ولم تقتصر الخسائر على العمال وحدهم، بل امتدت لتشمل شهداء الحماية المدنية الذين ضحّوا بأرواحهم أثناء أداء واجبهم في مكافحة الحريق وإنقاذ الأرواح، ليؤكدوا أن التضحية بالذات في سبيل الواجب تظل عنوانًا للشرف والمروءة، وتحمّل الدولة مسؤولية توفير كل سبل الأمان والدعم لهؤلاء الأبطال وأسرهم.

مسؤولية الدولة: يحمل حزب العيش والحرية وزارتي الصناعة والعمل المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة، فوزارة الصناعة هي الجهة المسؤولة عن منح تراخيص المصانع ومتابعة التزامها بالاشتراطات الفنية والأمان الصناعي، بينما وزارة العمل تتحمل مسؤولية الإشراف على تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية، ومراجعة تنفيذ قانون العمل داخل المنشآت الصناعية. إن تقاعس الوزارتين عن أداء دورهما الرقابي والتفتيشي، وغياب آليات المحاسبة الفعلية، سمح باستمرار هذا النمط من المصانع التي تعمل خارج إطار الأمان، مما أدى إلى سقوط هذا العدد من الضحايا الأبرياء. ومن ثمّ، فإن الحزب يحمّلهما المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية الكاملة عما جرى، ويطالب بمساءلة كل من أهمل أو قصّر في أداء واجبه.

ويطالب حزب العيش والحرية بما يلي:

  1. إجراء تحقيق كامل وشفاف تشرف عليه جهات قضائية مستقلة، لكشف جميع الملابسات ومحاسبة المسؤولين الحقيقيين دون استثناء.
  2. محاسبة شاملة لكل من ثبت تقصيره، سواء من أصحاب المصنع أو الجهات الرقابية أو المسؤولين التنفيذيين الذين سمحوا بتشغيل المنشأة دون استيفاء شروط السلامة.
  3. إلزام جميع المنشآت الصناعية بتطبيق معايير السلامة والصحة المهنية، وتوفير التأمين الشامل لكل عامل منذ اليوم الأول للعمل.
  4. تعويض عادل وفوري لأسر الضحايا والمصابين، ولأسر شهداء الحماية المدنية الذين قدموا أرواحهم أثناء أداء واجبهم، مع توفير الرعاية الكاملة والدعم المستمر لهم.
  5. إعادة النظر في سياسات العمل الخاصة بالقطاع الخاص وفرض رقابة صارمة تحدّ من الانتهاكات وتضمن الحد الأدنى من الأمان الإنساني. إن ما جرى في المحلة ليس استثناءً، بل نتيجة مباشرة لنظام اقتصادي يضع الربح فوق الإنسان، ويحوّل العامل إلى وسيلة إنتاج بلا حماية ولا كرامة. لن تتحقق العدالة الاجتماعية إلا عندما يصبح العيش والحرية والعدالة حقوقًا مكفولة، لا شعارات مؤجلة.