التنمية العادلة بديلا عن الجوع

“المسار الوحيد للتنمية وبناء مصر يمر من خلال تجويع وإفقار غالبية المصريين أو مواجهة آلاف البلطجية لهدم الدولة”
الجوع أو الدمار هما الخياران الوحيدان أمام المصريين في دعاية السلطة لبرنامجها الانتخابي خلال مؤتمرها الأخير “حكاية وطن”.
السياسة الاقتصادية للسلطة أفقرت المصريين:
منذ تولي السيسي السلطة في 2014 بشكل رسمي وطوال 10 سنوات كاملة تم رسم السياسة الاقتصادية لنظامه من خلال أربع ركائز أساسية:
• تخارج الدولة من الاقتصاد بكل قطاعاته بشكل شبه كامل
• التحرير الكامل لسعر الصرف وبالتالي إخضاع أسعار كل السلع والخدمات ليحددها السوق
• التوسع في الاقتراض لتمويل مشروعات البنية التحتية
• مضاعفة الضرائب غير المباشرة والتي يتحملها المستهلك النهائي
وكان نتاج تلك السياسات تضاعف أسعار السلع والخدمات الأساسية من خمس لعشر مرات على أقل تقدير وتبعها توقف برامج الدعم الحكومي واقتصارها على بطاقات التموين وبرنامج تكافل وكرامة فقط.
في المقابل، لم تتحرك دخول الغالبية من المصريين طوال عشر سنوات أكثر من 3 أضعاف تقريبا بناء على الحد الأدني للأجور المقر عقب الثورة، وهو غير عادل في حينه.
مشروعات بنية تحتية لصالح الأغنياء والمستثمرين:
اعتمدت السلطة من أول يوم على الدعاية لمشروعها في الحكم من خلال مشروعات بنية تحتية عملاقة وبناء عشرات المدن الجديدة وما يتبعها من محاور مرورية جديدة وخطوط سكك حديدية متنوعة.
وكان هذا المشروع جزء من تنفيذ خطة صندوق النقد الدولي للاصلاح الاقتصادي والتي التزمت بها السلطة حتى قبل الدخول في اتفاق 2016 والذي نتج عنه اقتراض 15 مليار دولار.
وكان الهدف المعلن من هذه السياسات هو جذب الاستثمار الأجنبي في القطاعات الاقتصادية المختلفة وزيادة معدلات التشغيل.
تم تمويل غالبية تلك المشروعات من خلال الاقتراض الخارجي وهو ما ضاعف الدين العام عدة مرات وزاد من أعباء الموازنة العامة بسبب الالتزام بتسديد أقساط القروض والفوائد.
وكانت النتيجة الحقيقية بعد عشر سنوات هي تضخم أرباح المستثمرين المحليين والأجانب شركاء السلطة الحالية في مشروعاتها وإفقار غالبية المصريين لتحملهم أعباء تلك السياسات الاقتصادية الفاشلة مرة نتيجة مضاعفة أسعار السلع والخدمات، ومرة أخرى بسبب زيادة معدلات البطالة الناتجة عن الركود وتوقف نمو القطاع العقاري.
السلطة تحملنا فشلها:
طوال عشر سنوات لم تتوقف السلطة الحالية وفي مقدمتها السيسي عن تحميل المصريين سبب فشل سياساتهم الاقتصادية مرة بسبب الزيادة السكانية ومرة نتيجة عدم الوعي ومرة بدعوى عدم القدرة على تحمل المسؤولية والألم لبناء “مصر”.
ولم تطرح على نفسها – تلك السلطة الممسكة بزمام الحكم لعشر سنوات متتالية – ولا مرة خيار تغيير تلك السياسات المنحازة ضد المصريين أو ترك السلطة لآخرين قادرين على إدارة البلاد وتجنيبها خطر الانهيار الاقتصادي.
الاشتراكية كمشروع بديل للتنمية:
خطط صندوق النقد والبنك الدولي وبرامج الانفتاح وتحريرالاقتصاد ليست هي الطريق الوحيد ولا حتى الأصلح لإدارة وتخطيط الاقتصاد والتنمية كما تخبرنا السلطة وأجهزتها المختلفة وأبواقها الإعلامية.
هناك طريق آخر للتنمية يعتمد على إدارة كفء وديمقراطية للموارد وتوزيع الأعباء بشكل متكافئ وكذلك توزيع الأرباح بشكل أكثر عدالة، طريق بديل أولى خطواته:
• زيادة الحد الادني للأجور بما يتناسب مع أسعار السلع الأساسية والتوسع في برامج الدعم العيني.
• التوقف عن الاقتراض والتفاوض لإسقاط الديون المأخوذة بطرق فاسدة بعيدا عن رقابة الشعب.
• إعادة ترتيب الأولويات في الإنفاق الحكومي ومشروعات البنية التحتية لصالح التعليم والصحة ودعم الخدمات الأساسية للأكثر فقراً.
• إشراك عموم المصريين في اتخاذ القرارات ووضع السياسات الاقتصادية من خلال المجالس المحلية المنتخبة وفرض قوانين لإشراك العمال وصغار الموظفين في الإدارة عبر الانتخابات.
• توجيه الاقتصاد للمشروعات الإنتاجية لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتقليل الفجوة بين فاتورة الاستيرد والتصدير
• زيادة الضرائب على الأرباح والأصول لتوزيع أعباء التنمية بما يتناسب مع حجم الملكية
• التوقف عن بيع القطاع العام وأصول الدولة بشكل فوري والشروع في إصلاح إدارة تلك الشركات بما يسمح بإدارة تشاركية بين العمال والإدرايين.
• دعم التعاونيات الإنتاجية والزراعية والخدمية لتحقيق عائد اكبر لأعضائها.
• ضم كل القطاعات الاقتصادية التي تملكها أجهزة الدولة المختلفة للوزارة المسؤولة عن إدارة القطاع العام تمهيداً لإضافة أرباحها للموزانة.
• اتباع سياسة نقدية رشيدة ومستقلة تخدم مصالح الغالبية من المصريين وتحافظ على أسعار الفائدة عن المعدل الذي يسمح بإعادة استثمار مدخرات المصريين في القطاعات الإنتاجية المختلفة.
• التوقف الفوري عن المشاريع غير المدروسة التي تعتمد على الامتدادات العمرانية الجديدة وتسليع الأراضي التي تخدم الأغنياء مثل العاصمة الإدارية الجديدة واتباع خطط تنمية اقتصادية وعمرانية محلية للعمران القائم بالفعل يتم مناقشتها وطرحها بشكل ديموقراطي تعتمد على تحسين وضع المدن القائمة وخلق فرص عمل محلية لعموم المواطنين.