في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الانسان….لا نخلد إلا دماء الأبرياء

في محاولة يائسة لإيقاظ الضمير الإنساني أرسل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في 6 ديسمبر رسالة عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني المروع في قطاع غزة، مستخدمًا السلطة التي نادرًا ما يتم الاستناد إليها في المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة. وفي رسالته، يكرر الأمين العام نداءاته السابقة لوقف إطلاق النار، ويحذر من تدهور الأحوال الإنسانية في غزة.


تم استدعاء المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة 6 مرات فقط منذ إنشاء المنظمة آخرها عام 1989، وهي أداة دبلوماسية نادرا ما تستخدم، تسمح لقائد الأمم المتحدة بلفت انتباه مجلس الأمن إلى “أي قضية من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم تهديدات صون السلم والأمن الدوليين وهذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها جوتيريش إلى المادة 99 منذ توليه منصبه في عام 2017 معطيا الدول أعضاء مجلس الامن فرصة أخرى للانتصاف للإنسانية والاستماع الى أصوات المجتمع الدولي المطالبة بإنقاذ الشعب الفلسطيني. واتساقا مع الموقف المتواطئ مع آلة القتل الصهيونية، ألقت الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها عضوا دائما بمجلس الأمن بصوت يقطر بالدماء يتحدى الإجماع الإنساني على ضرورة وقف إطلاق النار في جلسة مجلس الأمن بتاريخ 8 ديسمبر٬ مما يجعل الإدارة الامريكية شريكة ممعنة في جرائم الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.


لطالما أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن على دعمه القوي لدولة الاحتلال و الفصل العنصري ومجرم الحرب بنيامين نتنياهو ليس فقط لأنه حسب قوله “صهيوني” وإنما أيضا لأن إسرائيل تقوم بدور ذراع الإمبريالية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وقاعدتها للتدخل العسكري والسياسي٬ ولذلك فإن حمايتها من أهم أولويات السياسة الخارجية الامريكية. الدعم العسكري الأمريكي الفج لإسرائيل هو في أساسه لب نواة كل رحايا الحرب في منطقتنا، تدفع الإدارة الأمريكية بمنحة عسكرية عاجلة لإسرائيل قيمتها 14 بليون دولار على أن يتم توريد الأسلحة والمعدات من مصانع الأسلحة الامريكية المحلية. لا عجب٬ فالمكاسب مضمونة من الجهتين. الحرب تنعش الاقتصاد الأمريكي القائم على القتل ومعاناة الشعوب٬ وتصفية القضية الفلسطينية تضمن ديمومة السرطان الصهيوني في قلب الشرق الأوسط.
في خضم أيام حالكة أثبتت تدني ونفاق القيم الغربية عن عالمية حقوق الانسان٬ يحتفي العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان والذي تم إقراره إحياءً لذكرى اليوم الذي اعتمدَت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948. تقف الإنسانية شاخصة البصر أمام صور جثث الأطفال والأشلاء في غزة متسائلة عما حدث لكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية٬ بينما الحقيقة الثابتة هي أن الإعلان العالمي لحقوق الانسان والذي جاء على خلفية الحرب العالمية الثانية بهدف إحلال السلام ومنع الحروب قد تمت صياغته في سان فرانسيسكو واعتماده عام 1948و بقيادة السيدة الأمريكية الاولي السابقة الينور روزفلت٬ وأن منظمة الأمم المتحدة قررت بدون وجه حق تقسيم فلسطين في 1947 ثم قبلت عضوية اسرائيل فيها في 1949 دون أن تنفذ التزاماتها بموجب قرار التقسيم نفسه وقرار حق العودة وما زالت لا تنفذها حتى يومنا هذا.


و بالرغم من التجذر التاريخي للانتقائية و ازدواجية المعايير في تلك المنظمة٬ فإن ما نشهده الآن يعد سقوطًا كاملًا و ممارسات تواطؤية لإحراق غزة تماما عن طريق تعطيل وإفشال الآليات الأممية من قبل القوى العظمى وهو ما يفتح الباب لكل ممارسات التوحش والتطرف والقمع في كل العالم. لا يمكن أن تتوقف الحروب ويحل السلام تحت مظلة الأمم المتحدة بنظامها الحالي الذي تفسخ تماما وفقد كل فاعليته في مواجهة الدول العظمى٬ وخاصة الولايات المتحدة الامريكية التي أجهزت على ما تبقى من مصداقيتها وارتكبت انتحارا أخلاقيا بمعارضة قرارات مجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي مرارا وتكرارا.لذلك٬ يجب على المهتمين بالسلام والعدالة القائمة على القانون الدولي والشرعية الدولية التفكير وإبداع آليات أكثر ديمقراطية وفاعلية في مكونات الأمم المتحدة تضمن التمثيل العادل لجميع الدول الأعضاء و خاصة دول الجنوب العالمي.
وعليه:


1 – نرى أن استدعاء مصر وموريتانيا لقرار الأمم المتحدة رقم 377 “الاتحاد من أجل السلام” هو خطوة إيجابية على سبيل مقاومة الهيمنة الأمريكية. فقد استندت مصر وموريتانيا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377 “الاتحاد من أجل السلام” في رسالة موجهة إلى رئيس الجمعية العامة. ينص القرار على أنه إذا فشل مجلس الأمن، بسبب عدم إجماع الأعضاء الدائمين، في ممارسة مسؤوليته الأساسية في التصرف كما هو مطلوب للحفاظ على السلام والأمن الدوليين، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة يجب أن تنظر في الأمر على الفور بهدف تقديم توصيات إلى الأعضاء من أجل استعادة السلام والأمن الدوليين. إذا لم تكن منعقدة، يجوز للجمعية العامة أن تجتمع باستخدام آلية الجلسة الاستثنائية الطارئة. ورد الرئيس بعقد جلسة خاصة للمجلس اليوم الثلاثاء الموافق 12 ديسمبر. ونطالب باستمرار الجهود الدولية والسلمية في سبيل تحقيق إيقاف دائم لإطلاق النار في غزه وانتهاء الاحتلال الصهيوني، ولكن لا يمكن أن يتم تحقيق أهداف السياسة الخارجية المصرية في ظل مناخ داخلي خانق للحراك وحرية التنظيم، يقمع الأصوات المطالبة بتحرير فلسطين ويستخدم نفس أدوات القمع الصهيوني مثل الاعتقال السياسي ضد مواطنيه.


2- سلاحا الإضراب والمقاطعة هما سبيل الشعوب في التضامن مع سعي الشعب الفلسطيني للتحرير في ظل استمرارا فشل الجهود الدبلوماسية والسياسية وإخفاق كل ما تمتلكه الحضارة الإنسانية من قيم وقوانين في إيقاف حمامات الدم وقتل الأطفال . لذلك نعلن دعمنا لكل طرق المقاومة الشعبية ونتضامن مع الحراك العالمي لتحرير فلسطين.


3- يجب فتح معبر رفح بشكل كامل والضغط لإيصال المساعدات الإنسانية و السماح لجميع المصابين من غزة بالعبور لتلقي العلاج و الرعاية في مصر.