جيش الاحتلال يستأنف نهجه الفاشي في حرق غزة برعاية الإدارة الأمريكية

انتهت الهدنة التي بدأت يوم الجمعة الموافق 24 نوفمبر، وتم تمديدها لثلاثة مرات، لتنتهي يوم الجمعة 1 ديسمبر، بعودة القصف البربري المجنون على قطاع غزة وقتل المئات من الفلسطينيين في ساعات محدودة.

عودة دموية تعلن بها إسرائيل أنها استردت بعد “هدنة” حقها الحصري في ارتكاب جرائم الحرب والإبادة برعاية النظام العالمي، وفي قلبه الإدارة الأمريكية التي استمرت في استعراض السقوط في كل اختبار لأي قيم تنادي بها هي ومعسكرها الحر. فأهالي غزة قد تم تقديمهم كـ قرابين لآلهة القتل الإسرائيلية لتلبية نوازعهم الدموية واستعادة تفوقهم العسكري المجرم وتهدئة روعهم والاستجابة لكل اشتراطات التجبر والتفوق العنصرية، وأن هذا لا يمكن فهمه سوى بكونه خيار سياسي محسوم للأنظمة الغربية على حساب أي قيمه وكل منطق وفي ممارسة خسيسة ورعناء تهدد السلام الإقليمي والدولي، ممارسة تغذي كل نوازع العنف والانتقام وتؤجج الصراع الهوياتي والديني في المنطقة والعالم.

لقد تصور أهالي غزة المنكوبين بالقتل والتشريد والتجويع ومعهم كل أصحاب الضمائر في العالم أن الهدنة هي انعكاس لإرادة دولية لوقف آلة القتل المجنونة بعد خمسين يوم من المذابح المستمرة خصوصا بعد أن التزمت المقاومة الفلسطينية بشروط الهدنة وتسليم الرهائن من المدنيين بشكل آمن وسلس، الآن و مع انتهاء الهدنة-التي لم تتوقف فيها اسرائيل عن ارتكاب الجرائم في الضفة وغزة- تبين أن الإرادة الإسرائيلية لا تزال هي العليا ولا تزال تجد ما تريده من رعاية دولية لتكمل ممارساتها المجرمة المجنونة، فالقصف المجنون قد بدأ بينما كان بلينكن وزير الخارجية الأمريكي ما زال في إسرائيل، في رسالة واضحة أن العودة الدموية للحرب هي بمباركة الإدارة الأمريكية.

وإذ يتابع حزب العيش والحرية تحت التأسيس، مأساة غزة ويرسل كل رسائل التضامن والدعم لأهلنا هناك فإننا نؤكد على الآتي:

1- أن حياة البشر في غزة يجب أن تظل أولوية لكل جهد وعمل سياسي رسمي وشعبي، وتظل استعادة الهدنة أولوية قصوى ندعمها وننادي بها، هدنة مستمرة تنتهي بترتيبات لوقف كامل للحرب.

2- أن تخريب غزة وقطع كل سبل الحياة فيها هو سيناريو لتهجير أعداد من سكانها، وأننا إذ ندين هذه الخطة ونحذر من تبعاتها لكننا نؤكد أن هذا لا يعني أن يكون مطلبنا من أهالي غزه هو الاستسلام للقتل بل إن دورنا هو الضغط بكل ما نملك لتحسين شروط الحياة وتوصيل المساعدات واستعادة الهدنة وإجلاء المصابين وأهلهم إلى مصر، فلا يجب أن تكون دعاوى منع التهجير هي نفسها حصارًا إضافيًا لأهالي غزة – فمستشفياتنا وبيوتنا مفتوحة للمصابين وأسرهم، فلقد أثبت الفلسطينيون مرارًا أنهم متمسكون بأرضهم ولا يجب أن يكون هذا مبررًا في أن نمتنع عن استقبال أعداد من أهالي غزة من المصابين وأسرهم لتخفيف الحصار وإنقاذ أرواحهم وتطييب جراحهم.

3- إن النظام المصري يواجه تحديًا حقيقيًا في مواجهة مخططات إسرائيل ومحاولاتها المستمرة لتهجير أهالي غزة إلى سيناء خصوصا بعد تهجير غالبية سكان غزة إلى الجنوب المتاخم لسيناء. إلا أن تصور النظام أن مواجهة هذا التحدي هو ممكن فقط بالعمل الرسمي بينما تحاصر الأجهزة الأمنية كل أشكال عمل المجتمع المدني، من منع التظاهرات والقبض على عدد من المشاركين فيها وحبسهم ومنع القوافل البشرية لمعبر رفح لإعلان موقف الأحزاب السياسية والقوى الشعبية المصرية، إنتهاءًا بترحيل نشطاء أجانب متضامنين مع الشعب الفلسطيني جاءوا للقاهرة في أمل أن يمنحوا فرصة التعبير عن موقفهم عند المعبر الذي يعتبر شريان الحياة الأساسي لأهالي غزة، يتأكد أن إرادة النظام هي تعطيل وحصار أي عمل للمجتمع المدني في معركة التضامن مع غزة، وهي ليست فقط ممارسة قمعية بل هو إضعاف للموقف المصري ومصداقيته وتحييد لأدوات العمل السياسي الشعبي القادرة على العمل -دون غيرها- مع و ضمن حراك شعبي دولي وإنساني واسع داعم للقضية ورافض لممارسات إسرائيل.

4- إن أي مسار سياسي للتسوية يجب أن يضمن للفلسطينيين حقهم في وطن حر آمن يختاروا فيه بــإرادتهم الحرة كيف يحكمون، ونرفض في هذا السياق أن تنزع عن الفلسطينيين إنسانيتهم ونرفض أي استهانة بحقهم في الحياة والأمن كما٬ وبنفس القدر نرفض سلب إرادتهم وحقهم في تقرير مصيرهم كشعب ناضل ودفع أثمانًا باهظة من أجل حريته، فحقهم في الحياة لا يجب أن يكون ثمنه سلب إرادتهم.

وفي النهاية؛ فإننا نحمل الإدارة الأمريكية المسئولية الرئيسية في المذبحة المستمرة برعايتها للجنون الإسرائيلي والاستخفاف بالمأساة الإنسانية وكل التبعات السياسية لهذه المحرقة على الأمن الإقليمي والدولي وتعطيلها العمدي لكل عمل أممي وإنساني لوقف المذبحة.