تدشين نظام الإدارة المحلية الجديد على أساس الديمقراطية التشاركية

هذه الورقة هي واحدة من ضمن الأوراق التي قدمها حزب العيش والحرية “تحت التأسيس” إلى الحوار الوطني.

للإطلاع على الأوراق الأخرى، اضغط هنا

لا شك في أن تدشين نظام جديد للإدارة المحلية في مصر يعتبر من مداخل الانتقال الديمقراطي المحتجز لاسيما وان مستوى الإدارة المحلية هو المستوى الأكثر ملائمه لتصميمه على أساس مبدأ الديمقراطية التشاركية أو مساهمة جمهور الناخبين أي الجماعات المحلية في صناعة واتخاذ القرارت التي تؤثر في حياتهم اليومية وتسمح لهم بإعادة ترتيب أولويات الانفاق العام من خلال الموازنات التشاركية. ونعرض في هذه الورقة الموجزة المحددات العامة لتدشين نظام جديد للإدارة المحلية وهو النظام الذي تأخر أطلاقه نحو عقد من الزمان عانت فيه الجماعات المحلية من عدم تمثيلها سياسيًا في ظل غيبة المجالس الشعبية المحلية طوال هذه الفترة الطويلة وتشتبك هذه المحددات مع مشروع قانون الإدارة المحلية الذي تقدمت به الحكومة سنة 2017 ومع بعض مشاريع القوانين التي طرحتها المعارضة او تناقش في فاعليتها الجبهوي مثل “تنسيقة المحليات” وغيرها من الأطر الجبهوي.

نظام انتخابات المجالس الشعبية المحلية

من وجهة نظرنا سيكون انتخاب المجالس الشعبية المحلية من خلال نظام مختلط ما بين القائمتين المطلقة والنسبية نظام غير دستوري لما يتضمن من إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص ما بين المرشحين إذ يتطلب هذا النظام أن يحصل الفائزون بعضوية المجالس المحلية من خلال الانتخاب بنظام القائمة المطلقة الحصول على أغلبية مطلقة بينما يكتفي نفس النظام بحصول الفائزين بعضوية المجالس المحلية من خلال الانتخاب بنظام القائمة النسبية الحصول على الاغلبية النسبية لأصوات الناخبين. ولقد قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان نظم انتخاب مجالس الشعب سنوات 1984، 1987، 2012 لعدم دستورية الاخذ في نظام انتخابي واحد ما بين بمبدأ الاغلبية المطلقة والاغلبية النسبية. ولا يؤثر في ذلك النص 102 ليس فحسب لأنه جاء فيما يخص انتخاب مجلس النواب ولكن لان الجمع ما بين النظام الفردي ونظام القائمة بشكل عام لا يعني الجمع ما بين مبدئي الاغلبية النسبية والمطلقة باي حال من الاحوال.

لهذا نقترح تعديل مشروع القانون بحيث يأخذ بنظام القائمة النسبية غير المشروطة (بنسبة ثلاث أرباع المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية) وبالنظام الفردي بالأغلبية النسبية (بنسبة ربع المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية) على أن تخصص ثلثي المقاعد المخصصة للانتخاب بالقائمة النسبية للعمال والفلاحين وثلثها للنساء وثلثها للشباب على أن يكون أحد المرشحين بنظام القائمة من المسيحيين وأحدهم من ذوي الإعاقة في قوائم المرشحين لعضوية المجالس الشعبية المحلية للمحافظات.

مثال: إذا خصص للدائرة الانتخابية اثني عشر مقعدًا سينتخب منهم تسعة بنظام القائمة النسبية، ستة منهم من العمال والفلاحين وثلاثة من النساء، وثلاثة من الشباب على أن يكون أحدهم على الاقل من المسحيين وأحدهم من ذوي الإعاقة في المجالس الشعبية المحلية للمحافظات حيث يجوز الترشح على هذا المقاعد لكل ناخب مقيد بجداول الناخبين بالمحافظة بغض النظر عن الدائرة الانتخابية المقيد بها.

ويراعي في اعلان النتائج نسب تمثيل الفئات المذكورة بغض النظر عن ترتيب المرشحين في القائمة والاخذ بمبدأ أعلي البواقي في حالة عدم توافر القاسم الانتخابي بالنسبة لأخر الفائزين او من يسبقه.

نظام انتخاب المحافظين

تفعيلًا لنص المادة 179 من الدستور نقترح أن يختص المجلس الشعبي المحلي للمحافظة بانتخاب المحافظ في المحافظات الحضرية (القاهرة، الاسكندرية، بورسعيد، والسويس) بالأغلبية المطلقة في الجولة الاولي بالأغلبية النسبية في الجولة الثانية.

ينص القانون على جدول زمني لانتخاب المحافظين في باقي المحافظات من خلال المجالس الشعبية المحلية للمحافظات على مراحل وفق ترتيبها في مؤشر التنمية البشرية.

المجالس الشعبية المحلية للمحافظات

نقترح تفعيلًا لمبدأ سمو المجالس الشعبية المحلية للمحافظات على ما سواها من الاجهزة التنفيذية بمنحها الاختصاص بإصدار لوائح الضبط والقرارات التنظيمية في دائرة المحافظة وهو ما يدخل فيها على سبيل المثال لوائح؛ البناء والتخطيط العمراني والمرور وتراخيص المحال العامة والأماكن المقلقة للراحة.. إلخ بحيث تصدر هذه اللوائح في حدود التشريعات الوطنية بما يتناسب مع الطبيعة البيئة المحلية وأوليات الجماعات المحلية فيها.

تفعيلًا للمادة 178 من الدستور التي تنص على استقلال الموازنات المحافظات والوحدات الادارية الأخرى نقترح منح المجالس الشعبية المحلية للمحافظات بالموافقة على القروض المحلية بما لا يجاوز 50% من الناتج الاجمالي للمحافظة. والموافقة على القروض المحلية التي تقترحها المجالس الشعبية المحلية في مستوى المراكز والمدن وهو ما يسهم في تعزيز دور الإدارة المحلية في تعبئة المدخرات الاهلية وتوجيها للاستثمار وخلق فرص العمل

نقترح السماح للمجالس المحلية بفرض ضرائب ورسوم محلية في حدود 10% من ضرائب العامة على الدخل وعلى الا يقل نصيب نصيب الإدارة المحلية من الضرائب العقارية وضريبة الاطيان عن 50% من الضريبة المحصلة والسماح لها بإنشاء أسواق للأوراق المالية للشركات المتوسطة والصغيرة تحت رقابة الهيئات العامة.

نري أن النص على اغلبية الثلثين في حالة سحب الثقة من المحافظين ومديري المديريات ورؤساء الهيئات الواقعة في نطاق المحافظة ورؤساء الوحدات المحلية الأخرى أغلبية غير مبررة وتعطل رقابة المجالس الشعبية المحلية وستكون عائق امام اثارة مسؤولية التنفيذيين أمامها.

ولهذا نقترح الاكتفاء بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجالس لسحب الثقة من التنفيذيين وعلى رأسهم المحافظين ويستمر المحافظ في أداء وظائفه حتى انتخاب محافظ جديد إذا كان من المحافظين المنتخبين.

المجالس الشعبية المحلية في المدن والاحياء والمجالس القروية

نقترح النص على حق كل ناخب في دائرة المجالس في حضور الاجتماعات والنص على حقه في المشاركة في النقاشات والحق في التصويت على القرارات.

هذا الاقتراح يضمن الانتقال التدريجي لديمقراطية التشاركية وتمكين المواطنين من المشاركة المباشرة في القرارات التي تمس حياتهم ومن تحديد أولويات الانفاق من خلال الموازنات التشاركية.

ويطرح حزب العيش والحرية هذه المحددات على الجماعات المحلية باعتبارها صاحبة المصلحة الأصيلة في تدشين نظام جديد للإدارة المحلية ويدعوا كافة قادة الرأي المحليين والحركات الاجتماعية الإقليمية للتشاور حولها والمساهمة في تطويرها والنضال من أجل الاخذ بها وإقرارها. كما يدعوا القوي السياسية الديمقراطية للتوافق حولها لتشكيل أوسع جبهة ممكنة للتحرك في اتجاه إقرار النظام الجديد للإدارة المحلية وفق الأسس الدستورية المعطلة حتي تاريخه وتفعيلها بما يحقق مصالحة الجماعات المحلية ويحقق بذلك فائض الشرعية الضروري لترميم النظام السياسي المصري والمضي قدمًا في مسار التحول الديمقراطي