يتابع حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) بقلق وغضب ما شهدته مناطق متعددة بمحافظة الجيزة من انقطاع شبه كامل للكهرباء والمياه على مدار خمسة أيام متواصلة، وفقًا لما وثقته الصحف وشهادات الأهالي. جاءت هذه الأزمة وسط صمت حكومي مطبق، وتجاهل تام لصرخات السكان، في وقت تتفاقم فيه معاناة المواطنين من الحر الشديد، وتعطل الحياة اليومية، وغياب أي بدائل.
ما جرى ليس حادثًا عارضًا، بل نتيجة مباشرة لسياسات اقتصادية واجتماعية ظالمة تنتهجها الدولة، وتحديدًا الامتثال الكامل لشروط صندوق النقد الدولي، والتي فرضت على المصريين موجات متتالية من رفع الدعم، خصخصة المرافق، وتقليص الإنفاق العام، بما حوّل الخدمات الأساسية إلى امتيازات غير مضمونة بدلًا من كونها حقوقًا مكتسبة.
#خمس_أيام_بدون_مياهوقد سبق لحزب العيش والحرية أن أعلن بوضوح رفضه المبدئي والمتكرر لتلك القروض، انطلاقًا من إدراكه التام لخطورة ما تفرضه من شروط مجحفة على حساب الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ومن تهميش للعدالة الاجتماعية وتفكيك للمرافق العامة.
لكن الأخطر من كل ذلك أن هذه السياسات تُمرّر دون أدنى اعتبار لحوار مجتمعي حقيقي. تُبرم الاتفاقات الاقتصادية في الغرف المغلقة، وتُفرض الإجراءات على الناس كأمر واقع، دون مشاركة، ولا شفافية، ولا محاسبة. والنتيجة أن المواطن وحده يتحمّل كلفة “الإصلاح”، بينما تُحاصَر الأصوات المعارضة، وتُقصى البدائل السياسية والاجتماعية العادلة.
إن الأزمة المزمنة في المرافق العامة، من انقطاع الكهرباء إلى انفجار شبكات المياه هي انعكاس مباشر لتفكيك أدوات الرقابة الشعبية وتغييب المحليات كسلطة مجتمعية حقيقية. فالنظام يدير المرافق بمنطق مركزي بيروقراطي معزول عن الناس، بينما يُمنع المواطن من امتلاك أدواته في الرقابة والمساءلة والتنظيم المحلي. غياب المجالس المحلية المنتخبة بحرية، وحرمان الناس من حقهم في الإشراف على الخدمات التي تمس حياتهم اليومية، هو جزء من هندسة سياسية أوسع تهدف إلى نزع السياسة من المجال الاجتماعي، وتحويل الناس إلى متلقين عاجزين بدلًا من فاعلين منظمين
نحمّل الحكومة كامل المسؤولية السياسية والاجتماعية عما جرى، ونؤكد على:
1. الحق في الخدمات العامة الأساسية كالكهرباء والمياه هو حق إنساني لا يجب أن يخضع لمنطق الربح أو قواعد السوق، بل لاعتبارات الكرامة والمساواة.
2. ضرورة المحاسبة والمساءلة عبر فتح تحقيق علني حول أسباب الانقطاع المتكرر، ومحاسبة كل مسؤول أهمل أو تقاعس أو تواطأ في تحويل حياة الناس إلى جحيم.
3. استعادة دور الدولة كضامن للعدالة والخدمات، لا كمجرد وسيط بين المستثمرين والسوق، ورفض كل أشكال خصخصة مرافق الحياة الأساسية.
آن الأوان لأن يتوقف الحكم من فوق، وأن تُفتح مساحات حقيقية لحوار شامل تشارك فيه النقابات، والعمال، والسكان، والخبراء المستقلون، حول كيفية إدارة الموارد وتوزيعها بعدل.
إن ما جرى في الجيزة هو جرس إنذار جديد لما آلت إليه السياسات الحالية من نتائج مأساوية على الناس، خاصة من يعيشون في الأحياء الشعبية والمهمشة.
ونؤكد أن حزب العيش والحرية سيظل صوتًا منحازًا للفقراء، مدافعًا عن حقوقهم، رافضًا لكل ما يُفرض عليهم من فوق دون مشاركتهم، ومؤمنًا بإمكانية بناء نموذج اقتصادي بديل أكثر عدالة وإنسانية.