يأتي اليوم العالمي للنوبة في السابع من شهر يوليو من كل عام كعيد يحتفي فيه النوبيون بتراثهم في شتي بقاع الأرض. اقترح المفكر النوبي السوداني محمد سليمان ولياب إقامة هذا اليوم الاحتفالي. إلا أن في السنوات القليلة تم إلغاء الاحتفالات من جهات أمنية دون إبداء أي مبرر وانتقلت الاحتفالات باليوم إلى منصات التواصل الاجتماعي لتحتفي بتاريخ وثقافة وعادات وتقاليد ولغة قاربت على الاندثار.
يري الحزب أن القضية النوبية في مصر ما زالت في حالة ركود دون إحراز أي تقدم يذكر. لقد ارتبط الحراك النوبي بالحراك الأكبر في مصر وعمل النوبيون على الاندماج في الحوار السياسي العام من قبل الثورة، إلا أن ثورة 25 يناير ما تلاها من سنوات ازدهر فيها الحراك النوبي وقد يكون اوج الحراك إبان أعمال لجنة كتابة الدستور أو لجنة الدستور في عام 2013/ 2014 وقد نجح ممثل النوبة الأديب الكبير حجاج أدول في تمرير وإقرار بعض الحقوق مثل احترام التعددية الثقافية وادراج اللون والعرق والمنشأ الجغرافي في مادة التمييز والمادة الأكثر أهمية التي أقرت العودة وأمهلت الدولة عشر سنين لإعمار أرض العودة على ضفاف بحيرة النوبة/بحيرة ناصر.
لقد شهدنا توالي أفعال المقاومة النوبية من قافلة العودة ومعتقلي الدفوف وغيرها من أشكال الحراك، لكن في اللحظة الراهنة لا يسعنا إلا أن نتذكر أن النوبة كقضية وطنية لم تطرح في الحوار الوطني وأن النوبيين والنوبيات الذين دعوا للحوار الوطني دعوا للحديث عن موضوعات وقضايا أخرى غير القضية النوبية. نتساءل إلى متي يستمر هذا الاقصاء والتجاهل. إن إدراكنا للقضية النوبية يأتي باعتبارها نجمت عن تهجيرات قسرية متتابعة، فقد شهدت النوبة منذ أكثر من قرن ونيف أربع هجرات قسرية أثرت على المجتمع النوبي بشدة وتخيلت الدولة أن فتح ملف التعويضات ينهي الأزمة وهذا غير صحيح وغير منطقي بل لن ينتج عنه لا انقسامات بين النوبيين . فهي ليست أكثر من محاولة للإلهاء ومحاولة لتسطيح القضية، فمبدئيا التعويضات زهيدة ولا تراعي التغيرات الاقتصادية التي طرأت من الستينات إلى الآن.
ويجب علينا أن نشير إلى أن الدولة لم تقم بأي خطوات للحفاظ على اللغة أو التراث النوبي على الرغم من النداءات الكثيرة من النوبيين والنوبيات و لا تزال الجهود الفردية الحثيثة لتعليم اللغة النوبية التي يقوم بها المجتمع النوبي مستمرة. وقد صنفت اليونسكو اللغة النوبية أنها لغة تقارب الاندثار. وعلى الرغم من وجود لغات أفريقية في أقسام جامعية، فإن النوبية ليست مدرجة ضمن هذه اللغات. و لا توجد النوبية في أي دراسة نظامية و كل الاجتهاد في تدريسها هو جهد أهلي معرض للتوقف.
إلى جانب ضياع التراث و اللغة و عدم تدريس تاريخ النوبة في المدارس النظامية، تبقى العودة هي المطلب الأهم للنوبيين الذي يؤيده و يدعمه الحزب و فقد حددت المادة 236 من الدستور المصري عودة النوبيين لأراضيهم الاصلية في الفترة من 2014 الي 2024 و بدلا من تلتزم الدولة بهذه المادة الدستورية، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري 444 القاضي باعتبار 17 قرية نوبية في أرض العودة حدودا عسكرية لا تصلح للسكنى أو التنقل و طعن النوبيون و النوبيات على هذا القرار و القضية قيد التقاضي في محكمة الإدارية العليا.
كداعمين للقضية النوبية نتساءل إلى متى يستمر هذا التغريب؟ لماذا تقوم الدولة و أجهزتها بالعمل ضد ما أقره القانون والدستور للنوبيين؟ لا يتمتع النوبيين بالمواطنة الكاملة علي أرض وطنهم مصر، كل حق و كل مكتسب تجهضه الدولة و تتفنن في إبعاد النوبيين عن هويتهم و ثقافتتهم و لغتهم. ندرك أننا نطالب بعدالة لم يحصل عليها النوبيون من كل الحكومات المتتابعة، لكننا نؤكد أن الاعتراف والاحتفاء بمختلف روافد الثقافة المصرية ومختلف الانتماءات الجغرافية واللغوية والعرقية والدينية للمصريين هو السبيل لوطن قوي وغني بكل ولكل أبناءه وبناته .. وطن لكل المصريين بلا إقصاء أو تهميش أو تمييز.