ستة أشهر على حرب الإبادة الصهيونية

يتابع العالم ومنذ ستة أشهر الآن مذبحة لا تتوقف في حق سكان غزة.. مذبحة تحولت فيها غزة إلى معسكر للقتل والتعذيب والاغتصاب والتجويع.. مذبحة تليق بالجيش الصهيوني الذي لا يمكن وصفه سوى بعصابة فاشية أطلق لها العنان لقتل جماعة من البشر والتنكيل بها بدون أي رادع بل في ظل تواطؤ عالمي تقوده أمريكا وإنجلترا وألمانيا وإقليمي تقوده الإمارات والسعودية بالأساس.

شاهد العالم في الشهور السابقة ما تتمتع به إسرائيل من حق شبه مطلق في القتل وانتهاك القوانين الدولية وتحدي الرأي العام العالمي وكل اعتبار. شاهد مستوي انحطاط نخبة الحكم في إسرائيل ورعونتهم وعدم ترددهم في ارتكاب الجرائم وتهديد السلم الإقليمي والعالمي، والأهم كشف عن حجم معاناة الفلسطينين الذين أثبتت هذه الحرب أنهم في نظر النظام الدولي لا يتمتعون بأي حصانة ضد الإبادة والقتل والإرهاب والتجويع والتهجير، شعب تستكمل هذه المذبحة البشع والممتدة مأساته وآلامه المستمرة منذ عقود. ورغم هذا كله فإن قناعتنا أن القوى المتضامنة مع الشعب الفلسطيني المقاوم وقضيته العادلة تتسع وتخترق أجيال جديده من الشباب المتضامن٬ الذي روعه ما رآه وأذهله التواطؤ الرسمي، لتتصاعد موجة كبيرة عالمية للتضامن مع هذا الشعب المنكوب والمناضل، وأن هذه الحركة تكتسب أرضًا وتترك أثرًا يتسع. ونؤمن أن الرفض والحصار العالمي المتزايد لنخب الحكم في دولة الاحتلال يقف خلفها هذا التضامن الواسع من القوى الحرة في العالم والجمهور الذي تدفعه المذبحة للانخراط في هذه الحركة المتصاعدة ضد العصابات الفاشية في إسرائيل. إن هذه الحركة قد انتزعت قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في ٢٥ مارس بعد عدد من المرات التي فشل فيها المجلس ونتيجة الفيتو الأمريكي في تمرير قرار بوقف إطلاق النار ، هذا القرار الذي عبر عن إرادة دولية تبدلت تحت ضغط الرأي العالم العالمي بينما لم تلتزم به اسرائيل حتي الآن ولا تزال آلة القتل مستمرة.

إن إسرائيل في أسابيع ما قبل قرار مجلس الأمن كانت قد اتخذت منحى في القتل والتعذيب وممارسه كل أشكال الانتهاك غير مسبوق٬ وها هي الان بعد القرار تتجاهله وتستمر في المذبحة، وها هي عملياتها لا تتوقف في رفح التي يعيش فيها أكثر من مليون ونص فلسطيني معظمهم ينامون في خيم وفي أوضاع معيشيه بالغة الصعوبة. وما زالت الدول العربية وفي مقدمتها بلدنا مصر عاجزة عن تحقيق أي انفراجة في ملف تدفق المساعدات ودخول الجرحى والمصابين بأعداد معقولة للعلاج بين أشقاءهم٬ بل وتعرضهم للاستغلال المالي البشع لكي يحصلوا على ملاذ آمن في مصر في فضيحة لم يتم التحقيق فيها من أي جهة رسمية حتى الآن. وفي نفس الوقت: تسعى أمريكا وإسرائيل لإنشاء ميناء يجعل من ملف مساعدات غزة في يد أمريكا وإسرائيل بشكل كامل٬ خاصة بعد مخطط القضاء على الأونروا٬ في عدوان على حقوق الشعب الفلسطيني وعلى الدور المصري ومساحات الدعم المتاحه له لأهلنا في غزة.

في يوم الأرض هذا العام تظهر الصورة الحقيقة لدولة الاحتلال وتتسع التحركات الشعبية الرافضة لها وترتفع الأصوات ضدها في كل مكان في العالم. لكن بينما تكسب القضية هذه المساحات٬ لا يزال الانقسام الفلسطيني يعيق العمل على إنتاج قيادة وطنية فلسطينية جديدة قادرة على استثمار انهيار صورة إسرائيل وسمعتها التي تلطخت بشكل غير مسبوق والتعاطف الكبير مع القضية . ولا يزال أحد أهم قوى التواطؤ مع الإجرام الاسرائيلي نافذا في قلب النظام العربي الرسمي، فالدور الإماراتي السعودي أساسي في استمرار الإبادة، بل إن استقطابات المنطقة وأهمها الاستقطاب بين إيران وحلفاؤها من ناحية وأعدائها في الخليج من ناحية أخرى عائقًا كبيرًا أمام دفع النضال الفلسطيني إلى مساحات قادرة على استثمار حاسم للتعاطف الدولي الكبير، وفي نفس الوقت٬ تعطل السلطوية والقمع قدرة الشعوب العربية وبخاصة في مصر على الانخراط الكامل في المعركة العالمية ضد إسرائيل.

في يوم الأرض لا يسعنا سوى أن نؤكد تضامننا مع الشعب الفسطيني وحقه في تقرير مصيره، وإرسال التحية للحراك الشعبي العالمي وكل الأصوات الحرة في العالم بينما نتألم من حصار القضية تحت ضغط استقطابات الإقليم وقمع شعوب المنطقة .