
يدين حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) الضربات المتواصلة التي تشنها القوات الأمريكية والبريطانية على شعب اليمن بحجة حماية الملاحة في مضيق باب المندب، ويدعو المصريين للتعبير بمختلف السبل عن تضامنهم مع شعب اليمن العظيم. ويرى في هذه الضربات استمرارًا لنهج التعاون النشط مع دولة الاحتلال والفصل العنصري في حربها الإجرامية على غزة، الهادفة لتهجير نصف الشعب الفلسطيني والقضاء على كفاحه من أجل حق التقرير المصير.
إن محاولة الإرباك والتشويش على جوهر هذه الضربات الاستعماري بحجج احترام القانون الدولي، والدفاع عن إمدادات الغذاء لغالبية سكان العالم، أو استقرار الممرات المائية الحيوية لنا كقناة السويس بطبيعة الحال، لا يمكن أن تخدع أي عاقل متابع للموقف مهما بلغت سذاجته. إن منطقة مضيق باب المندب كانت أبعد ما تكون عن الاستقرار خلال العقود السابقة سواء بحكم الحروب الأهلية على ضفتيها، ونشاط الجماعات الإسلامية المتطرفة، بما في ذلك تنظيم القاعدة، أو حتى بحكم نشاط عصابات الجريمة المنظمة فيما عرف بظاهرة القرصنة. ومع ذلك لم نر تحركًا نشطًا من أي من الدول الغربية الكبرى التي تهب اليوم لقصف الأراضي اليمنية.
بل إن هذه الدول نفسها قد تركت الشعب اليمني فريسة لمدة عقد كامل من الزمان من تحكم المليشيات القبلية والدينية المدعومة من مختلف القوى الإقليمية – ومنها مليشيا الحوثي القبلية/الطائفية التي سيطرت على جهاز الدولة بالقوة المسلحة- مرورًا بعامين من القصف الجوي المتواصل لحلفاء نفس القوى في السعودية والإمارات. ولم يكلف حماة القانون الدولي المزعومين أنفسهم بالضغط الجدي على حلفائهم في الخليج لوقف القصف، والسماح بممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، حتى من باب التهدئة والاحتواء. على العكس، انغمسوا في تزويد هذه الأطراف بالأسلحة التي تفتك بالشعب اليمني أملًا في إضعاف النفوذ الإيراني المستجد على الحوثيين. والمحصلة هي تدمير سبل حياة الشعب اليمني وصولًا إلى حافة المجاعة.
وفقط، عندما قامت ميلشيا الحوثي باستهداف عدد محدود من السفن المتجهة لإسرائيل، في حوادث لم تُرق فيها قطرة دم واحدة، هبت هذه الأساطيل للدفاع عن الملاحة، وتذكرت هذه القوى القانون الدولي. ومن العجائب أن تذكر القانون الدولي هذا والدفاع عنه يحدث بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة بمنتهى الصلف على لسان وزير خارجيتها معارضته لنظر محكمة العدل الدولية – أعلى سلطة قضائية دولية – للقضية المرفوعة من طرف حكومة جنوب إفريقيا والتي تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. فأي نفاق هذا!! أي نفاق يسمح للولايات المتحدة وحلفاءها بالحديث عن القانون الدولي بينما تساهم تلك الدول في انتهاك هذا القانون يوميا على مدى ثلاثة أشهر مولت فيها وقدمت الغطاء السياسي لأسوأ عملية تطهير عرقي في القرن الحالي.
إن شعوبنا المجردة من سبل المقاومة التي تكفل بقاءها في مواجهة العدوان الاستعماري، أو الاستبداد المحلي، أو الحروب الأهلية الممتدة وسلطة المليشيات المنفلتة من عقالها، هي صاحبة مصلحة أصيلة في الحفاظ على ما تم إنجازه من قواعد للقانون الدولي تعقلن ولو قليلًا من جموح الضواري المتكالبة علينا. ولكن حتى يمكن الحفاظ على تلك القواعد، بل وتوسيعها وجعلها أكثر استجابة لاحتياجات غالبية شعوب العالم بحق، يجب أن تطبق تلك القواعد بشكل متساو ونزيه. وأول خطوة في هذا الطريق هو الضغط لوقف المجزرة الإسرائيلية الهمجية في غزة التي تشكل بحد ذاتها أهم مصادر انعدام الاستقرار في المنطقة، ودعم كفاح الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. أما التلاعب الرخيص الحالي فلن يؤدي إلا لفقدان الإيمان بالقليل الذي تم إنجازه من قواعد قانونية دولية ويجرد هذه المنظومة من أي شرعية في المستقبل.
ولهذا نكرر ما شددنا عليه في الكثير من بياناتنا السابقة من أن أي حديث عن مواجهة حكم الميلشيات الطائفية والرجعية، أو أنظمة الاستبداد المحلي، في منطقتنا دون مواجهة أحد أهم أسباب وجودها وانتعاشها ممثلًا في واقع الاحتلال الإسرائيلي المدعوم بسلطة أقوى قوة استعمارية في العالم حاليا، هو محض وهم على افتراض حسن النية، أو تدليس وخداع على افتراض سوءها. وواقع الجولة الحالية من جولات الهجوم الاستعماري والمقاومة الفلسطينية خير دليل على ذلك.
نتضامن مع الشعب اليمني العظيم، وعاش كفاح الشعب الفلسطيني الذي دائمًا ما شكل بوصلة لكل الطامحين لأوطان حرة تحيا شعوبها في أمان وكرامة.