الصحة النفسية ضرورة وليست رفاهية.

هذه الورقة هي واحدة من ضمن الأوراق التي قدمها حزب العيش والحرية “تحت التأسيس” إلى الحوار الوطني.

للإطلاع على الأوراق الأخرى، اضغط هنا

ملخص:

يعتبر ادماج كافة أنواع الخدمات النفسية ضمن نظام التأمين الصحي الشامل ضرورة هامة لتحسين الظروف السيئة المحيطة بالأفراد والعمل على تقديم كافة المساعدات النفسية للتجاوب مع ضغوط الحياة وما يتبعها من مضاعفات نفسية خطيرة على الفرد والمجتمع , للوصول الى الحفاظ على صحتهم النفسية وخاصا بين (الشباب والمرأة)

الشباب والتي يمثل 21% من نسبة السكان في الفئة العمرية (18-29) ,على الرغم من تدنى سن تعاطى وادمان المخدرات بين المراهقين والشباب في الآونة الأخيرة .
وأشار صندوق مكافحة المخدرات التابع لوزارة التضامن الى ارتفاع نسبة تعاطى المخدرات بينهم الى 10% وهى تتعدى النسب العالمية , في حين ارتفع أيضا نسبة الإدمان الى 17% بين الشباب 2020-2021 في حين كان هناك انخفاض في السنوات السابقة

, والنساء والتي تتعرض (75% للعنف و 80% للتحرش )وفق دراسة المركز القومي للبحوث 2022.

وقد قامت الدولة بتقديم مبادرات عديدة ومتنوعة لمناهضة ظاهرة الإدمان بين الشباب وأيضا للحد من العنف المتفشى بين النساء .

لكن :

في التجاوب مع ظاهرة الإدمان :

  1. قامت وزارة التضامن بفتح 27 مكان علاجي لتعاطى وادمان المخدرات في انحاء الجمهورية.
  2. تطوير قسم الإدمان في مستشفيات التابعة لوزارة الصحة ,والعمل بالمنهجية العالمية (تقليل الضرر) والتي لم تعمل بها مصر من قبل .
  3. وجود أقسام لعلاج الإدمان في مستشفيات القطاع الخاص.
  4. وجود أماكن علاجية مرخصة ومعترف به أيضا.
  5. وجود قسم للعلاج النفسى والادمان في المستشفيات العسكرية .

كل هذا لا يكفى ولا يكون فعال في غياب العجز الشديد في اعداد فريق طبى ونفسى مدرب بكفاءة للتعامل مع هذه الظاهرة المدمرة للشباب وطاقتهم ,هجرة الأطباء المتزايد ,وهذا يطرح سؤال هام وملح , (كيف العمل على منهجية تقليل الضرر في غياب ونقص عدد الأطباء وهذه المنهجية تحتاج الى متابعة هامة ودقيقة من قبل الطبيب الى المريض , حتى لا يتحول الى مدمن على نوع مخدر جديد , مثلما حدث في أحدى الدول العربية المجاورة ؟ )

بالإضافة الى عدم وجود منظومة واضحة لعمل الأخصائيين النفسيين ووجود نقابة لهم ,و ضعف التنسيق والتعاون بين هذه القطاعات المختلفة ,ووضع شروط تعجيزية لترخيص أماكن جديدة , مما أعطى الفرصة لوجود أماكن غير مرخصة لا تعلم عنها الدولة شىئ وتقدم خدمات لعلاج المدمنين دون رقابة ومحاسبة , ممايعرض الكثير من الشباب للأذى النفسى والبدنى أيضا .

الحلول والمقترحات:

  • وضع استراتيجية واضحة تتضافر فيها كل القطاعات السابق ذكرها .
  • – وضع خدمات الصحة النفسية (الإدمان) ضمن البنود الهامة في القطاع الصحي والتى تحتاج الى زيادة الانفاق عليها.
  • التجاوب من ادمان الاناث بحيادية ودون تميز, وتقديم خدمات لهن في كافة الأماكن العلاجية الخاصة بالدولة بشفافية وإعلان واضح للمجتمع والأسر .
  • لايمكن التعامل مع هذه الظاهرة دون النظر والانتباه الى الابعاد الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالشباب من بطالة وتعليم ورياضة وغيره من السياق العام .
  • وضع منظومة قانونية واضحة للتعامل مع المدمن بين التجريم والعقاب بتقديم خدمات مجتمعية أو تحويله الى المصحات العلاجية.
  • توفير موارد بشرية مدربة وفق منظومة تعليمية واضحة بعائد مادى مشجع للتعامل مع هذه الفئة والتي تحتاج الى فترة زمنية طويلة للتعافي من مرض الإدمان .
  • وضع منظومة اجتماعية عادلة لدمج المدمنين المتعافين في المتجمع مرة أخرى.
  • فتح مجالات لوقاية النشىء والشباب من التعاطى والادمان عن طريق المناهج التعليمية والأنشطة الرياضية وغيرها من مجالات بناء قدراتهم والمهارات الحياتية المختلفة.

وعلى الجانب الاّخر:

تدرج قضية العنف ضد النساء في مصر ضمن قضايا الصحة العامة، حيث إشارات الدراسات الى ان العنف القائم على النوع الاجتماعي متسبب في النسبة الأكبر من نسبب الوفيات وسوء الصحة العامة لدى النساء اللواتي تتراوح اعمارهن من 15-44 عاما بأثر مساوى لأثر السرطان.

,الصحة النفسية بشكل خاص لتمكينها وتفعيل قدراتها للحد من أنواع العنف المختلفة التي تتعرض له .

على الرغم من قيام المركز القومي للمرأة بمبادراته المختلفة (انشاء خط ساخن لتلقى الشكاوى في الحال) ووجود مكاتب له في العديد من محافظات الجمهورية.

واهتمام وزارة الصحة بفتح وحدات خاصة بالمستشفيات التابعة له للتعامل مع المعفنات وانشاء وحدات طبية متكاملة داخل كليات الطب المختلفة (عين شمس – المنصورة و.) .

بالإضافة الى عمل واهتمام العديد من مؤسسات المجتمع المدني بقضايا المرأة الصحية والقانونية والاجتماعية.

كل هذه الخدمات لا تفي بحماية المرأة من العنف المتزايد في المجتمع وبالتالي تقديم رعاية صحية متكاملة لها .

  • الحلول والاقتراحات:
  • ضرورة وجود وحدة دعم نفسى في جميع المستشفيات الحكومية والتعليمية والخاصة والعمل على تفعيلها لتقديم الخدمة لكل مواطن يحتاج اليها , وخاصاّ النساء منهم .
  • العمل على تطوير المستشفيات الخاصة بتقديم خدمات خاصة بالمرأة مثل مستشفى الجلاء وغيرها، وإلحاق وحدة للدعم النفسي للنساء بها وفق فريق مهني مدرب.

  • التعاون بين وزارة التضامن والصحة لتنظيم قوانين العمل الخاصة بالمرأة (فترة رعاية الطفل والرضاعة وغيره) خاصا في القطاع الخاص.
  • تدريب الفريق الطبي على التعامل مع مشاكل المراهقات مثل الإجهاض أو الختان دون وصم والتعامل معهن بمهنية والاستناد الى اخلاقيات المهنة وليس المرجعية الشخصية.
  • اعتبار المجهودات الأهلية والمجتمع المدني هي مجهودات مساندة لمجهودات الحكومة في تقديم الخدمات الصحية بشكل عام وخدمات الصحة النفسية بشكل خاص , ولهذا لابد زيادة الأنفاق على القطاع الصحي .
  • ضرورة التعاون بين وزارة الصحة والتعليم لوجود وحدة الدعم النفسي والصحي في المدارس والجامعات.
  • العمل على التدعيم والمساندة من قبل القطاع الصحي لتنفيذ وتفعيل قوانين خاصة بحماية المرأة من العنف الممارس عليها مثل (قانون موحد ضد العنف) والحفاظ على حالتها الصحية بشكل عام.
  • وجود وحدة دعم نفسي داخل اقسام البوليس , وخاصاّ في مناطق الريفية والنائية للتعامل مع المعفنات للحد من الوصم تجاههن. وتدريب اخصائيين نفسيين واجتماعيين لتوعيتهن بحقوقهن.

مقدمة:

في منتصف القرن التاسع عشر اهتم علما النفس والطب النفسي بمفهوم الصحة النفسية , والبحث في مدى أهميتها بالنسبة لحياة الفرد , وتأثير ذلك في تطور المجتمعات واستقرارها .ففي عام 1887) قام كلا من( دورثيا ديكس وويليام سويت راز )في تطوير حركة الصحة النفسية بعدما لاحظوا من خلال عملهم في علاج الأمراض العقلية , مدى تأثير الظرف السيئة المحيطة بالأفراد على حالتهم النفسية وتدهورها .

عرف علماء علم النفس , ومؤسسي الجمعية الأمريكية للطب النفسي , الصحة النفسية (قدرة الفرد على التمتع بمستوى عاطفي وفكري وسلوكي جيد, لكى يستطيع الاستمتاع بالحياة وخلق توازن بين أنشطة الحياة التي يمارسها ومتطلباتها لتحقيق المرونة النفسية ).

وتناولت نظريات علم النفس المختلفة تعريفها للصحة النفسية كلا حسب منهجيه وتناوله للفرد والمجتمع.

منظمة الصحة العالمية تدعم الصحة النفسية وتعززها ووضعت خطة تلزم جميع دول الأعضاء بها اتخاذ إجراءات محددة لتحسين الصحة النفسية والأسهام بشكل جدى وفعال لتحقيق الأهداف العالمية , وأهمها :

1-توفير الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة التي تستجيب لاحتياجات السكان وخدمات الاجتماعية في المرافق الصحية المجتمعية.

2-تيسير وتقوية نظم البحوث والمعلومات اللازمة للصحة النفسية.

وعرفت المنظمة الصحة النفسية (هي إمكانية الفرد الفكرية والعاطفية ,وادراكه لقدراته للتعامل مع ضغوط الحياة العادية والإنتاج ومساعدة المجتمع ,ويتحقق ذلك من خلال حياة تتضمن الرفاهية والاستقلال والجدارة والكفاءة الذاتية بين الأجيال )

ولهذا فأن مفهوم الصحة النفسية قائم على أساس اجتماعي ,وارتباطه الوثيق بنشاط الصحة الاجتماعية بين الأفراد والمجتمع , ولذلك هناك مجتمعات وثقافات ومؤسسات مختلفة في طرق تصور أو تحديد ماهية الصحة النفسية والتدخلات المناسبة لكل ثقافة أو طبقة اجتماعية , سياسة , دينية.

وتشير منظمة الصحة العالمية الى وجود اختلافات واضحة بين الجنسين في الأمراض النفسية والصحة النفسية.

وتعذى ذلك الى العنف القائم على النوع الاجتماعي، وسيطرة السلطة على النظام الاجتماعي والاقتصادي، أدى الى تدنى الوضع والمسؤولية الاجتماعية تجاه رعاية الاخرين مما يجعل النساء عرضة للأمراض النفسية أكثر من الرجال.

وأشارت منظمة الصحة العالمية (بعد اجراء دراسات استقصائية وبحوث في العديد من الدول) الى ان خدمات الصحة النفسية في الدول النامية أقل انتشارا وكفاءة، بالإضافة الى اللامبالاة للعلاج النفسي في الطبقات الاجتماعية المتدنية.

واهتمت بعض الدول بإنشاء مؤسسات وأماكن مخصصة لتقديم خدمات الصحة النفسية للنساء، والعمل على تثقيفهم النفسي في مراحل العمر المختلفة.

على الجانب الاخر:

ظاهرة ادمان المخدرات ليست بالحديثة ,فهي أزمة قديمة وممتدة في العالم , وأصبحت المخدرات عابرة للمدن والدول والحدود , وعبر التاريخ وجد انتشار مخدر في فترة زمنية محددة ويستمر لفترة ثم يختفى أو يقل انتشاره ويستبدل بأخر ,وهكذا تدور الدوائر .

وتنتشر نسبة تعاطى المخدرات في الفئة العمرية (15-60) عام، ولم تعد مقتصرة على الذكور فقط، وتنتشر بين الاناث ايضاّ.

لكن. يوضح تقرير مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة لعام (2021) زيادة نسبة التعاطي وظهور أنواع جديدة مخلقة من المخدرات تمثل خطورة واضحة على الصحة العقلية بين الشباب.

ومن أهم توصياته (سد الفجوة بين الادراك والواقع لتثقيف الشباب وحماية الصحة العامة)